أعلنت الجزائر أنها “طلبت عقد جلسة طارئة مفتوحة لمجلس الأمن يوم الثلاثاء المقبل”؛ لبحث المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بقصفه مدرسة تأوي نازحين في قطاع غزة، فجر السبت 10 أغسطس/ آب 2024، فيما توالت التنديدات والاستنكارات الأممية والعربية للمجزرة.
وشن الجيش الإسرائيلي قصفًا جويًا على مدرسة “التابعين” في حي الدرج بمدينة غزة، التي لجأ إليها نازحون فارون من العمليات العسكرية الإسرائيلية؛ ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة العشرات أثناء تأديتهم صلاة الفجر.
بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، فقد قال مصدر دبلوماسي في نيويورك إن الجزائر، العضو غير الدائم بمجلس الأمن، طلبت عقد هذا الاجتماع الطارئ “بناءً على التطورات الخطيرة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة بعد الهجوم الجوي الذي شنه جيش الاحتلال على مدرسة التابعين”.
وأوضح المصدر الدبلوماسي أن “هذا الطلب تم تقديمه بالتشاور مع دولة فلسطين”، و”يحظى بتأييد دول أعضاء أخرى في مجلس الأمن (لم يذكرها)”.
وقوبلت المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل، فجر السبت، عبر قصفها مدرسة تأوي نازحين في قطاع غزة، باستنكار عربي وغربي واسع، شمل مطالبات للمجتمع الدولي بالتدخل لوقف مجازر إسرائيل بحق المدنيين في القطاع وفرض عقوبات عليها.
من جانبه، قال مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني: ” نشهد يومًا جديدًا من الرعب في قطاع غزة بعد قصف مدرسة أخرى وتقارير عن مقتل عشرات الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال ومسنون”.
جاء ذلك في منشور له على منصة “إكس”، تعليقًا على قصف الجيش الإسرائيلي مدرسة التابعين بمدينة غزة، مشيرًا إلى أن “القصف يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني بشكل واضح”.
وأضاف المسؤول الأممي أنه “حان الوقت لوضع حد لهذه الفظائع (في غزة) التي تتكشف أمام أعيننا”.
وشدد لازاريني على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في جميع الأوقات.
أما البيت الأبيض فقال إنه يشعر “بقلق بالغ” إزاء الغارة الجوية الإسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.
فيما أعرب الاتحاد الأوروبي، السبت، عن “الفزع الشديد” إزاء صور عشرات القتلى الفلسطينيين جراء قصف إسرائيل مدرسة إيواء وسط مدينة غزة.
جاء ذلك على لسان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل تعليقًا على قصف الجيش الإسرائيلي مدرسة التابعين.
وأضاف بوريل، في سلسلة منشورات على حسابه عبر منصة إكس، أن “أكثر من 10 مدارس استهدفت (من إسرائيل في قطاع غزة) خلال الأسابيع الأخيرة، ولا مبرر لهذه المجازر”.
وقال إننا نشعر بـ”الفزع الشديد” إزاء صور عشرات القتلى الفلسطينيين جراء قصف إسرائيل مدرسة تأوي وسط مدينة غزة.
مظاهرات في السويد وهولندا
وقد شهدت هولندا والسويد، السبت، مظاهرات منددة بالإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ففي مدينة أوتريخت الهولندية، خرج مئات المتظاهرين إلى ميدان يانسكيرخوف للتعبير عن دعمهم للشعب الفلسطيني.
وانتقد المتظاهرون حكومات غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا على دعمهم إسرائيل رغم جرائمها في غزة.
وطالبوا بمقاطعة سلاسل مقاهي وأغذية وملابس غربية بينها “ستاربكس” و”زارا” و”ماكدونالدز” التي أعلنت عن دعمها إسرائيل.
وفي العاصمة السويدية ستوكهولم، نظم المئات مسيرة انطلقت من ساحة أودنبلان نحو السفارة الإسرائيلية.
وطالب المتظاهرون بوقف فوري للهجمات الإسرائيلية على غزة، مرددين هتافات من قبيل “الحرية لفلسطين.
مطالب بالتحقيق الدولي
فيما تضمنت الاستنكارات العربية للمجزرة دعوات لمجلس الأمن بفرض وقف فوري لإطلاق النار على غزة، ومطالبات بتحقيق دولي عاجل في الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمدارس ومراكز إيواء النازحين بالقطاع.
جاء ذلك عبر بيانات لوزارات خارجية السعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق وموريتانيا واليمن، فضلًا عن منظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والأزهر الشريف.
خليجيًا، أدانت السعودية بـ”أشد العبارات استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدرسة”، مؤكدة “ضرورة وقف المجازر الجماعية في غزة”.
واستنكرت المملكة “تقاعس المجتمع الدولي تجاه محاسبة إسرائيل جراء هذه الانتهاكات”.
وفي الدوحة، أدانت قطر القصف ذاته، وعدته “مجزرة مروعة، وجريمة وحشية بحق المدنيين العزل وتعديًا سافرًا على المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.
وجددت قطر “مطالبتها بتحقيق دولي عاجل يتضمن إرسال محققين أمميين مستقلين، لتقصي الحقائق في استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر للمدارس ومراكز إيواء النازحين”.
ودعت المجتمع الدولي إلى “توفير الحماية التامة للنازحين، ومنع قوات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها الرامية لإجبارهم على النزوح القسري من القطاع، وإلزامها بالامتثال للقوانين الدولية”.
وفي أبوظبي، أدانت الإمارات استهداف مدرسة “التابعين”، مؤكدة “الرفض القاطع لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية”.
وشددت على “ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لمنع سفك الدماء”، داعية “المجتمع الدولي إلى بذل أقصى الجهود لتجنب المزيد من تأجيج الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
كما أعربت الكويت عن إدانتها للقصف الإسرائيلي ذاته، مؤكدة “ضرورة تدخل المجتمع الدولي ومجلس الأمن من أجل إيقاف هذه الجرائم البشعة بحق شعبٍ أعزل، وبذل مزيد من الجهود لوقف إراقة الدماء”.
وشددت على “ضرورة توفير الحماية المدنية للفلسطينيين العُزّل، وإرغام الكيان المحتل على الانصياع للقرارات الدولية بهذا الشأن”.
وفي المنامة، أدانت البحرين “بشدة” الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة “التابعين”.
وأعربت المملكة عن “المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لتوفير الحماية اللازمة للسكان المدنيين في غزة من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة”.
وفي مسقط، أعربت سلطنة عمان عن إدانة القصف الإسرائيلي للمدرسة، ووصفته بأنه “وحشي”.
وجددت السلطنة “دعوتها المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الاعتداءات السافرة والعمل على حماية المدنيين الأبرياء ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي وفرض عقوبات دولية على إسرائيل”.
عربيًا، أدانت مصر بـ”أشد العبارات” القصف الإسرائيلي ذاته، وطالبت بـ”موقف دولي موحد ونافذ يوفر الحماية للشعب الفلسطيني في غزة، ويضع حدًا لمسلسل استهداف المدنيين العزل”.
واعتبرت القاهرة أن “استمرار ارتكاب تلك الجرائم واسعة النطاق، وتعمد إسقاط تلك الأعداد الهائلة من المدنيين العُزّل، كلما تكثفت جهود الوسطاء لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار في القطاع، هو دليل قاطع على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي لإنهاء تلك الحرب الضروس”.
وفي عمان، أدان الأردن بـ”أشد العبارات” القصف الإسرائيلي ذاته، واعتبره “خرقًا فاضحًا لقواعد القانون الدولي، وإمعانًا في الاستهداف الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين”.
وأكد البيان أن “هذا الاستهداف الذي يأتي في وقت يسعى فيه الوسطاء إلى استئناف المفاوضات على صفقة تبادل تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار مؤشر على سعي الحكومة الإسرائيلية لعرقلة هذه الجهود وإفشالها”.
وشدد على “ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، وخاصة مجلس الأمن، لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري”.
والخميس الماضي، دعا قادة مصر وقطر والولايات المتحدة، في بيان مشترك، إسرائيل وحركة “حماس” إلى استئناف محادثات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في الدوحة أو القاهرة الأربعاء أو الخميس المقبلين.
وفي بغداد، وصف العراق القصف الإسرائيلي على مدرسة “التابعين” بـ”الهمجي”، وعده “انتهاكًا صارخًا لجميع الأعراف والمواثيق الدولية، ويظهر تجاهل الكيان الصهيوني للمبادرات الدولية الهادفة إلى وقف العدوان على غزة”.
وأكد العراق على “ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي، والدول الإسلامية خاصة، موقفًا حازمًا وموحدًا لإيقاف هذه الجرائم الصهيونية المستمرة وتوفير الحماية الفورية للشعب الفلسطيني الأعزل”.
كما وصف اليمن القصف ذاته بـ”الهمجي”، ودعا “المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف إطلاق النار ووضع حد للجرائم والانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني”.
وفي نواكشوط، أدانت موريتانيا القصف الإسرائيلي، ووصفته بأنه “عدوان همجي جديد يشكل انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
ودعت موريتانيا “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الكاملة والعمل لوقف العدوان على غزة، وتوفير الحماية للفلسطينيين”.
منظمات تحمل إسرائيل المسؤولية
على مستوى المنظمات، أدانت منظمة التعاون الإسلامي الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة “التابعين”.
وحملت المنظمة إسرائيل “مسؤولية تلك الجريمة”، ودعت “المجتمع الدولي لمساءلتها”.
كذلك، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي عن “إدانته واستنكاره بأشد العبارات للجريمة الإسرائيلية الجديدة”، واعتبرها “جريمة حرب”.
ودعا البديوي “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتحرك الفوري والجاد لوقف إطلاق النار فورًا، ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية الخطيرة”.
بدوره، أدان الأمين العام للجامعة العربية، في بيان، “مجزرة الفجر”، مؤكداً أنها “عمل جبان وسُبة في جبين جيش الاحتلال”.
وشدد على أن “قتل المدنيين النازحين أثناء صلاة الفجر هو جريمة تفوق حتى المستوى المتدني المعهود عن الجيش الإسرائيلي من حيث الإمعان في الخسة والتجرد من الضمير”.
كما أدان الأزهر الشريف في مصر “بشدة القصف”، ووصفه بأنه “وحشي وإرهابي وعمل إجرامي غادر نال من مدنيين أبرياء كانوا يقفون بين يدي الله في أداء صلاة الفجر، ومعهم نساؤهم وأطفالهم وشيوخهم”.
وأكد أن ما حدث “جريمة تعجز كل لغات البشر عن التعبير عن قسوتها وشناعتها وهمجيتها، وتجرد من كل معاني الرحمة والإنسانية”، مطالباً “جميع أحرار العالم بمواصلة الضغط بكل السبل على هذا الكيان الإرهابي، لوقف جرائمه وأعمال الإبادة الجماعية”.
وباستهداف مدرسة “التابعين” يرتفع عدد المدارس التي تؤوي نازحين وقصفها الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة فقط خلال أسبوع واحد فقط إلى 7، ما خلف أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى، وفق رصد مراسل الأناضول.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة خلفت قرابة 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.