من بين 32 لعبة رياضية جماعية وفردية في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، تبرز كرة القدم التي لا تزال تحافظ على عرشها كونها الرياضة الشعبية الأولى في العالم، ولم تتمكن أي منافسة أخرى من مجاراتها على الرغم من قوة التنافس والندية والإثارة والحماسة التي تشهدها البقية.
يأتي ذلك على الرغم من أن المنتخبات الوطنية المتنافسة في باريس 2024 وتحديداً لدى الرجال، والتي حضرت في النسخ الماضية اعتباراً من دورة برشلونة 1992، تشارك بلاعبين تحت سن 23 عاماً، ما يعني أن غالبية نجوم العالم في كرة القدم لن يكون لهم مكان في الأولمبياد.
مسابقة كرة القدم للرجال في أولمبياد باريس وصلت إلى المباراة النهائية والتي تجمع بين فرنسا الدولة المضيفة وإسبانيا، إذ سيتنافس المنتخبان على الذهب الأولمبي، فيما ضمن منتخب المغرب حصد البرونزية، بعد فوزه الكاسح على نظيره المصري بسداسية نظيفة في مباراة تحديد المركز الثالث.
<iframe width="560" height="315" src="https://www.youtube.com/embed/P1LZY_Z5beU?si=-_tel7g99_fvkkw3" title="YouTube video player" frameborder="0" allow="accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture; web-share" referrerpolicy="strict-origin-when-cross-origin" allowfullscreen></iframe>
ووفق ما ذُكر أعلاه فإن لاعبين بحجم كيليان مبابي نجم فرنسا الأكبر حالياً وزملائه أنطوان غريزمان وجول كوندي وعثمان ديمبيلي وآخرين، وكذلك ناتشو فيرنانديز وداني أولمو ورودري من طرف “الماتادور”، لن يكونوا متاحين لهذه المباراة، ولم يكونوا متواجدين أساساً في الأولمبياد.
عطفاً على ذلك يتبادر السؤال: لماذا لا تشارك منتخبات كرة القدم في الألعاب الأولمبية بكامل نجوم البلد، بل يشترط أن يكون جل اللاعبين تحت سن 23 عاماً؟
كرة القدم في الألعاب الأولمبية
لم تكن منافسات كرة القدم مدرجة في قائمة الألعاب في أول دورة أولمبية عرفها التاريخ، وذلك في أثينا عام 1896، لكنها أصبحت جزءاً أصيلاً من النسخ التالية بدءاً من ألعاب باريس عام 1900.
ومنذ ذلك التاريخ لم تغب شمس كرة القدم عن الألعاب الأولمبية الصيفية سوى في نسخة لوس أنجلوس عام 1932، وهو أمر لم يتكرر بعد ذلك على الإطلاق.
وخلال تلك الدورات شاركت أقوى المنتخبات العالمية التي تنافست على الذهب الأولمبي، وعرفت ظهور عدة نجوم عالميين أبرزهم على سبيل المثال لا الحصر الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة وباريس سان جيرمان السابق وإنتر ميامي الحالي، والبرازيلي نيمار نجم الهلال السعودي، والكاميروني صامويل إيتو الذي يترأس حالياً اتحاد اللعبة في بلاده. لكن المثير للحيرة أن التتويج بالذهب الأولمبي في مسابقة كرة القدم للرجال لا يُعتبر إنجازاً كبيراً، ولا يعطي أصحابه ذلك التكريم أو الشهرة التي يحظون بها لو حققوا كأس العالم مثلاً أو البطولات القارية.
تغيير جوهري
مرت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في برشلونة 1992 بعدة تغييرات جوهرية، تحوّل فيها التنافس على الميداليات من الهواة إلى الرياضيين المحترفين، ما جعل البعض يصف تلك النسخة بأنها الأكثر شهرة في التاريخ، خاصة وأنها عرفت مشاركة فريق الأحلام الأمريكي في مسابقة كرة السلة.
لكن هذا القرار لم يرق للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” الذي رأى أن التغييرات الجديدة من شأنها أن تؤثر على شعبية بطولاته وعلى رأسها كأس العالم.
عراقيل الفيفا
وعليه تدخّل “الفيفا” سريعاً ووضع قيوداً على مشاركة اللاعبين في مسابقة كرة القدم للرجال، في مقدمتها تقييد السن فضلاً عن أنه لم يعترف بها ضمن أجندته الدولية.
البند الأخير تحديداً منح أندية كرة القدم على وجه العموم الحق في حرمان لاعبيها من تمثيل منتخباتهم في الأولمبياد، خاصة إذا جاءت في صيف مزدحم بالبطولات، تماماً كما حدث في عام 2024 الذي شهد بطولة كأس أوروبا (يورو 2024) وكوبا أمريكا 2024.
أما فيما يتعلق بالسن، فيُسمح للمنتخبات توجيه الدعوة للاعبين ممن هم دون سن 23 عاماً، مع حرية استدعاء ثلاثة لاعبين فقط فوق السن، وهذا الأمر يتم تطبيقه فقط على الرجال، أما واقع الأمر في كرة القدم للنساء فهو مختلف تماماً حيث لا يوجد حد للعمر.
مبابي آخر الضحايا
كان مسؤولو المنتخب الفرنسي الأولمبي بقيادة المدرب تيري هنري يأملون في مشاركة مبابي في أولمبياد باريس، وهو ما يعزز حظوظ الفريق في التتويج بأول ذهبية أولمبية في كرة القدم، خاصة وأنها تُقام على الملاعب الفرنسية، حتى أن الرئيس إيمانويل ماكرون كشف عن أمنيته علناً في أن يسمح ريال مدريد بوجود مبابي مع “الديوك” في الأولمبياد.
وكتب ماكرون في مايو/ أيار 2023 عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي إكس: “ليس لديّ تعليق محدد سوى حقيقة أنني أتمنى بأن يسمح ريال مدريد بمشاركة كيليان في الألعاب الأولمبية حتى يتسنى له اللعب مع المنتخب الفرنسي”.
لكن ريال مدريد تسلّح بلوائح الفيفا وقضى بعدم مشاركة مبابي مع منتخب فرنسا بالأولمبياد، خاصة وأن “الميرنغي” تعاقد مع اللاعب في يونيو/ حزيران 2024 ويريد أن ينسجم مع الفريق قبل انطلاق منافسات الموسم الجديد، فضلاً عن أن كيليان خاض منافسات كأس أوروبا (يورو 2024) مع الكبار، وهو موقف تفهّمه اللاعب.
وقال مبابي: “موقف فريقي جاء واضحًا للغاية، لذا منذ تلك اللحظة (يونيو) علمت بأنني لن أشارك في الأولمبياد، أنا أتفهم ذلك أيضًا لأنني سأنضم إلى فريق جديد، فهذه ليست الطريقة الأفضل لبدء مغامرة جديدة، أتمنى أن تفوز بلادي بالميدالية الذهبية”.
المنتخبات التي حصدت الميداليات الذهبية منذ أولمبياد برشلونة 1992
هذه هي المنتخبات التي حصدت الذهب الأولمبي في مسابقة كرة القدم للرجال منذ تطبيق قرار تحديد الفئة العمرية وهي على النحو التالي:
* إسبانيا (برشلونة 1992)
* نيجيريا (أتلانتا 1996)
* الكاميرون (سيدني 2000)
* الأرجنتين (أثينا 2004 وبكين 2008)
* المكسيك (لندن 2012)
* البرازيل (ريو دي جانيرو 2016 وطوكيو 2020)
يُذكر أن البرازيل التي فازت بالذهب الأولمبي في آخر نسختين لم تنجح في تجاوز التصفيات وبالتالي فشلت في التأهل إلى منافسات الدورة الحالية باريس 2024.