“إسرائيل تحرق المملكة المتحدة. كما كنت أقول، تومي روبنسون هو عميل صهيوني، إنه يعترف هنا بأن سبب “غضب” بلطجيته هو فلسطين” – ديفيد ميلر، عالم اجتماع بريطاني
قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة ستراثكلايد الاسكتلندية، وجامعة باث البريطانية إن سبب الشغب في بريطانيا هو غضب نشطاء اليمين من التضامن الكبير مع القضية الفلسطينية في شوارع العاصمة البريطانية لندن.
أستاذ علم الاجتماع الذي يركز على الإسلاموفوبيا والبروباغندا، أعاد على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) نشر فيديو لمفجر غضب اليمين المتطرف في بريطانيا، وهو يتحدث فيه عن انزعاجه مما وصفه “سيطرة حماس على لندن” ورفع أعلامها في العاصمة.
انتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي سابقاً في جامعة بريستول البريطانية الرجل الذي فجر الهجمات ضد مساجد، ومراكز لجوء، وأحياء المسلمين المهاجرين، والكثير أيضاً من المحال التجارية التي تعرضت للسرقة والنهب لاحقاً، وسبب ذلك فوضى عارمة تعيشها مدن بريطانية منذ أيام.
إذ ظهر اسم تومي روبنسون بانتظام في كل تظاهرة يقودها اليمين المتطرف ضد المسلمين، داعمي فلسطين، المهاجرين، اللاجئين، أو باختصار الأقليات من عرق غير الأبيض وغير الداعمين للصهيونية. فمن هو هذا الشخص الذي يعتبر زعيم اليمين المتطرف في بريطانيا؟
تومي روبنسون.. زعيم اليمين المتطرف في بريطانيا
تومي روبنسون هو الاسم الحركي لستيفن ياكسلي-لينون، وهو شخصية مثيرة للجدل معروفة بتأثيرها الواسع على اليمين المتطرف البريطاني، حتى بعد تعرضه للسجن المتكرر بسبب دعواته المتطرفة، وفترات المنفى خارج المملكة المتحدة.
يُعتقد أن اسم “تومي روبنسون” مستمد من عضو بارز في مجموعة “مشاغبي كرة القدم” في لوتون، والتي كان ياكسلي-لينون عضواً فيها. استخدم روبنسون هذا الاسم في البداية كوسيلة لإخفاء هويته، كما كان يرتدي قناعاً مزيناً بعلم إنجلترا أثناء المظاهرات، كما أشار موقع Middle East Eye البريطاني.
ولد روبنسون في مدينة لوتون عام 1982 لأم إيرلندية وأب إنجليزي، حيث طور مبكراً سمعة سيئة مرتبطة بالهمجية والتطرف.
بينما كان عمره 21 عاماً (في العام 2003) دخل السجن ليقضي عقوبة لمدة 12 شهراً بعد الاعتداء على ضابط شرطة خارج الخدمة في شجار، حيث كان تحت تأثير الكحول.
انضم روبنسون لمجموعات اليمين المتطرف بما في ذلك حزب الوطنيين البريطانيين (BNP) الذي ركز على التفوق الأبيض الصريح ومعاداة السامية، قبل أن يؤسس رابطته الخاصة التي تركز حصراً على معاداة الإسلام.
أسس مجموعة قائمة على معاداة الإسلام
روبنسون، وهو للمفارقة مالك سابق لصالون لتسمير البشرة، أسس في العام 2009، رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) مع زميل آخر يدعى آلان ليك، وقامت الرابطة اليمينية المتطرفة على أجندة الإسلاموفوبيا.
وظهرت رابطة الدفاع الإنجليزية كجزء من شبكة أوروبية أوسع من اليمين المتطرف تعرف باسم حركة “مكافحة الجهاد”، والتي تركز على اعتبار هجرة المسلمين إلى أوروبا يشكل تهديداً. انضم إلى هذه الحركة مؤمنون بتفوق العرق الأبيض، والأصوليون المسيحيون، وغيرهم من أتباع اليمين المتطرف.
وخلال العقدين الماضيين؛ استطاع الحشد والدعوة لتظاهرات وأعمال عنف تركز على تخويف المجتمع المسلم البريطاني، وإثارة المخاوف مما يصفه بـ “استيلاء إسلامي” على المملكة المتحدة.
رغم أنه يحاول أن ينفي عن نفسه كونه يمينياً متطرفاً إلا أنه يعتقد أن الإسلام دين “فاشي” ويسعى لـ”غزو أوروبا”.
إذ قال في تصرحات بالعام 2016: “أنا لست يمينياً متطرفاً… أنا فقط معارض للإسلام. أعتقد أنه متخلف وفاشي”. وأشار إلى أن “أزمة اللاجئين (حينها) ليس لها علاقة باللاجئين. إنها غزو مسلم لأوروبا”.
كما روج لنظرية مؤامرة شائعة بأن الشرطة البريطانية ترفض مقاضاة اعتداءات جنسية على الأطفال من قبل رجال آسيويين خوفاً من أن يُنظر إليهم على أنهم عنصريون. ففي عام 2014، قال: “لدينا قوة شرطة ذات مستويين تعالج الجرائم داخل المجتمع المسلم بشكل مختلف”.
كما حاول إنشاء فرع بريطاني لحركة “بيغيدا”، وهي مجموعة ألمانية معادية للمسلمين.
في تجمع للمجموعة الألمانية في مدينة دريسدن الألمانية، قال إنه يريد أوروبا “خالية من الطعام الحلال”، “خالية من عصابات الاغتصاب المسلمة”، وخالية من “الندوب البصرية للمآذن” و”أصوات الأذان”، وخالية من الأشخاص “الذين يغطون وجوههم، ويمشون في شوارعنا ويرفضون الاندماج”.
مدافع شرس عن الصهيونية
بروفيسور الجامعة البريطاني ميلر شرح في تغريدة طويلة علاقة روبنسون القوية بإسرائيل، ودفاعه المستميت عن الصهيونية.
إذ قال الأستاذ الجامعي إن روبنسون “عميل صهيوني”، وإنه يعمل لصالح إسرائيل منذ عام 2009 كجزء من حركة “مكافحة الجهاد” التي قال إن إسرائيل هي من أنشأها.
الأستاذ الجامعي الذي نصره القضاء (في فبراير/شباط 2024) ضد جامعته (جامعة بريستول البريطانية) بعد أن فصلته في عام 2021 بسبب آرائه المعارضة لإسرائيل، يرى أن الصهيونية تأتي في صلب الشغب الذي تشهده بريطانيا ونشاط اليمين المتطرف، وتحديداً روبنسون.
كما ربط بين أحداث الشغب في بريطانيا وإسرائيل، مؤكداً أن هذا الشغب هو حرب إسرائيلية على المسلمين البريطانيين والمسلمين في بريطانيا، بهدف القضاء على حركات الاحتجاج ضد إسرائيل والتظاهرات الداعمة لفلسطين في البلاد.
أشار ميلر إلى دمج منظمة روبنسون، رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL)، مع رابطة الدفاع اليهودية (JDL) بعد عامين فقط من تأسيسها، ووصف الأخيرة بأنها “منظمة إرهابية صهيونية” تقوم بأعمال “عنف وبلطجة” ضد المسلمين في شوارع المملكة المتحدة على مدار العقد الماضي.
اللافت أيضاً في المنظمتين أن الأولى أنشئت في 2009، والثانية في 2011، وتحتفظان باسمين متشابهين حد التطابق باستثناء كلمتي الإنجليزية (English) واليهودية (Jewish).
المنظمة اليهودية هي منظمة صهيونية يمينية قديمة في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد استضافت روبنسون في عدد من الفعاليات.
وقد ركزت الأجندة الأساسية لكلتا المنظمتين على معاداة الإسلام خصوصاً في مسألة “الجهاد” واعتباره ذريعة لوصمه بـ”الإرهاب”.
يعتبر روبنسون أحد من أبرز المشاركين في برنامج المؤثرين عبر الإنترنت لدولة إسرائيل (The Influencers Program) الذي انطلق بعد “طوفان الأقصى”، ويستضيف مؤثرين لنشر الدعاية الصهيونية.
“يجب اعتبار الشغب الإسلاموفوبي الأخير في المملكة المتحدة كأحدث مرحلة من حرب إسرائيل على المسلمين البريطانيين، الذين تعتبرهم مؤسسي الحركة الاحتجاجية (ضد إسرائيل) في المملكة المتحدة. تهدف أعمال الشغب هذه إلى معاقبة المسلمين على مشاعرهم المناهضة للصهيونية، بعد فشل وسائل إسرائيل الأخرى في قمع المعارضة للصهيونية” – ديفيد ميلر، عالم اجتماع بريطاني
فيما أشار ميلر أن إسرائيل استخدمت أصولها وعملائها في الطبقة السياسية والإعلامية البريطانية لإحباط الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، وحينما فشلت بدأت في تخويف المسلمين سواء عبر اليمين المتطرف القومي الأبيض، أو الملكيين الإيرانيين، أو المتطرفين العلمانيين.
روبنسون قال في مقابلة سابقة أجراها مع القناة 13 الإسرائيلية أنه “إذا خسرت إسرائيل، فسوف يأتون إلى أوروبا”، وانتقد اتهامات وسائل إعلام بريطانية له بالتحريض على أعمال الشغب ضد المسلمين في بريطانيا، وقال إنه “لا أحد يصدق وسائل الإعلام”.
سجن سنوات في مشاجرات ونصب وحيازة مخدرات
بالإضافة إلى سجنه الأول في أوائل العشرينات بسبب الاعتداء على ضابط شرطة تحت تأثير الكحول، فقد سُجن لعدة أشهر في قضايا أخرى، قبل أن يهرب من البلاد قبيل محاكمة جديدة.
فمنذ العام 2003، تلقى أحكاماً بالسجن وأوامر خدمة المجتمع لأسباب مختلفة، بما في ذلك مشاجرات كرة القدم، السفر بجواز سفر رجل آخر إلى الولايات المتحدة، الاحتيال العقاري، حيازة المخدرات، السلوك المهدد، وانتهاك أمر المحكمة.
سجن في العام 2013 لـ 10 أشهر بعد أن اعترف بأنه استعمل جواز سفر شخص آخر من أجل الدخول بصورة غير قانونية إلى الولايات المتحدة، وفي العام التالي تم حكم عليه بالسجن مدة 18 بتهمة النصب للحصول على القروض.
كما تلقى أحكاماً بازدراء المحكمة في عامي 2017 و2019، حيث سُجن لتسعة أشهر بعد تصوير أشخاص متورطين في محاكمة جنائية وبث اللقطات على وسائل التواصل الاجتماعي.
في عام 2021، خسر دعوى تشهير بسبب تصريحاته ضد صبي سوري تم تصويره وهو يتعرض للاعتداء في المدرسة. لكن روبنسون زعم أن الصبي “يهاجم الفتيات الإنجليزيات الصغيرات بعنف في مدرسته”، وهي تعليقات تمت مقاضاته بسببها.
ومؤخراً في 29 يوليو/تموز 2024، هرب من المملكة المتحدة، قبل يوم واحد من موعد مثوله مرة أخرى أمام المحكمة بتهمة انتهاك أمر بعدم تكرار الأكاذيب التي أطلقها حول الصبي السوري.
لكن؛ وللموضوعية، رغم أن بعض وسائل الإعلام مثل The Guardian وThe independent، وهيئة الإذاعة البريطانية BBC ربطت تظاهرات اليمين وما تبعها من عنف ممنهج بروبنسون، وقد ارتبطت به فعلاً (إذ شجعها ودعمها، ورُدد اسمه ورفعت صوره في بعض التظاهرات)، لكنه بالتأكيد ليس المُلام الوحيد هنا.
إذ اتهم أيضاً سياسيون وجهات إعلامية وجماعات أخرى تؤمن بتفوق العرق الأبيض، والتي استغلت مخاوف الهجرة والإسلاموفوبيا لتحقيق أجنداتها السياسية، والتسبب في أحداث الفوضى والشغب أو التظاهرات التي تحولت في دقائق إلى أحداث عنف ضد الشرطة وضد المسلمين واللاجئين.
أما إذا كنت تريد معرفة تفاصيل أكثر عن أحداث الشغب في بريطانيا وكيف بدأت، نرشح لك:
معلومة زائفة تفجر أعمال شغب تستهدف المسلمين.. ماذا يحصل في بريطانيا؟