أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، 6 أغسطس/آب 2024، عن اختيار يحيى السنوار لرئاسة المكتب السياسي للحركة خلفاً للراحل إسماعيل هنية، الذي اغتالته إسرائيل في العاصمة الإيرانية طهران.
القائد السياسي الجديد لحماس؛ يحيى السنوار، يرعب إسرائيل -وأمريكا أيضاً- حتى قبل إعلان اسمه لهذا المنصب الأخير.
فقد اعتبرته إسرائيل مهدداً لأمنها، حتى خلال فترة رئاسته لحماس في قطاع غزة منذ العام 2017 (انتُخب مرتين؛ الأولى في 2017، والثانية في 2021).
يحيى السنوار: الرجل الذي يُرعب إسرائيل
تعتبر إسرائيل أن السنوار هو مهندس عملية “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي كبدتها أكبر خسائر بشرية وعسكرية في تاريخ الاحتلال، وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.
وقد وضعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية السنوار، على قائمة المطلوبين للتصفية في غزة، فيما أدرج قبلها بسنوات (سبتمبر/ أيلول عام 2015) على لائحة الولايات المتحدة لمن تصنفهم “الإرهابيين الدوليين”.
ماذا قال المسؤولون الإسرائيليون في السجون عن شخصية السنوار؟
ما يقوله عنه المسؤولون الإسرائيليون والسجانون السابقون أنفسهم عن شخصية السنوار يشي بالكثير عن مخاوف تل أبيب من قيادة الرجل لحركة المقاومة.
فيبدو أن العقدين -وما يقارب النيف- اللذين قضاها في السجون الإسرائيلية مكنته من “دراسة نفسية إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي بعد تعلمه العبرية في السجن” بل و”المراهنة بحياته على ما تعلمه”، كما وصفته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
إذ قضى السنوار معظم شبابه في سجون الاحتلال، بالسجن 23 عاماً متواصلاً تنفيذاً لـ 4 أحكام بالسجن مدى الحياة، بما يصل إلى أكثر من 430 عاماً بالسجن، بتهم تتعلق باختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتلِ 4 فلسطينيين متعاونين مع إسرائيل، وفقا للجيش الإسرائيلي. وذلك قبل الإفراج عنه في صفقة جلعاد شاليط لتبادل الأسرى بالعام 2011 (صفقة وفاء الأحرار).
مدير تحقيقات سابق: “سيصمد حتى الرصاصة الأخيرة”
مايكل كوبي، المدير السابق للتحقيقات في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي قال إن السنوار “لن يغادر غزة، وسيبقى بها حتى الرصاصة الأخيرة”، وقال إن السنوار “يفضل الموت (الشهادة) على الاستسلام”.
كوبي الذي استجوب السنوار لمدة 180 ساعة في السجن قبل 30 عاماً، قال إنه يتميز بـ “قدرته على الترهيب والقيادة”، وذلك في لقاء تلفزيوني نشر مطلع العام 2024، ونقلته النسخة الإنجليزية لوكالة “رويترز“.
المسؤول الإسرائيلي قال إنه سأل السنوار ذات مرة لماذا لم يتزوج، وذلك حينما كان يبلغ من العمر آنذاك 28 أو 29 عاماً، فأجابه أن “حماس هي زوجتي، وحماس هي ابني، وحماس بالنسبة لي هي كل شيء”.
المدير السابق للتحقيقات يؤكد أن السنوار “كرس نفسه لتدمير إسرائيل”، وأن السنوار قال بوضوح إنه “سيفعل كل شيء ممكن لينجح كأحد ضباط حماس، وأنه سيقتل الكثير والكثير من الإسرائيليين في غزة وخارجها”.
رئيس استخبارات بمصلحة السجون: “مستعد لدفع أي ثمن مقابل مبادئه”
يوفال بيتون، رئيس قسم الاستخبارات السابق في مصلحة السجون الإسرائيلية، قال إن السنوار “مستعد لدفع أي ثمن من أجل المبدأ والقضية”.
مستشهداً بقيادته إضراباً جماعياً عن الطعام لـ 1600 سجين “حتى الموت إذا لزم الأمر”، وذلك احتجاجاً على معاملة أسيرين في العزل، وفق ما أشار به لقناة 12 الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما علق بيتون على الفشل في التوصل لصفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة منذ “طوفان الأقصى” بالإشارة إلى أن “السنوار يُدرك أن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً، وإنه يفهم أن هذه هي نقطة ضعفنا”.
أشار أيضاً (بيتون، ومسؤول مصري ساعد في التوسط في الصفقة) إلى تأثير السنوار في الضغط من أجل حرية الفلسطينيين الذين سُجنوا بتهمة قتل إسرائيليين، وذلك خلال المفاوضات في صفقة شاليط بالعام 2011، رغم أنه كان أسيراً لدى الاحتلال.
وقال إن السنوار “كان متشدداً للغاية في مطالبه، لدرجة أن إسرائيل وضعته في الحبس الانفرادي للحد من نفوذه داخل حماس”، وذلك وفقاً لتقرير Wall Street Journal.
مديرة سابقة لسجن إسرائيلي: ذكي للغاية، واستغل سجنه لفهم العقلية الإسرائيلية
بيتي لاهط، المديرة السابقة سجن “هشارون”، ورئيسة قسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تولت مسؤولية كبار السجناء الأمنيين (بينهم السنوار، وصلاح شحادة، وصالح العاروري، ومروان البرغوثي) تحدثت أيضاً عن شخصية السنوار.
إذ وصفته بأنه “ذكي للغاية”، وأنه “استخدم فترة سجنه “لتعلم أكبر قدر ممكن عن العقلية الإسرائيلية، وفهم المجتمع الإسرائيلي وحالته النفسية بعمق”.
“لقد عين فرقاً في السجن للاستماع إلى جميع محطات الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، لمتابعة السياسيين. كانوا يستمعون إلى التحليلات السياسية والتقييمات الدبلوماسية” – بيتي لاهط، المديرة السابقة سجن “هشارون”
ورغم وصفها له بـ”الجبن” لكنها قالت إنه “رجل قاسٍ” ويعرف “كيف يدير الآخرين” وأن السجناء “كانوا يخافون من قسوته ويحترمون مكانته”، وذلك خلال مقابلة مع صحيفة “معاريف” العبرية، ونقلتها النسخة الإنجليزية لصحيفة Times of Israel.
ضابط سابق في المخابرات العسكرية: “لم نفهمه، لقد نجح في خداعنا”
مايكل ميلشتاين، الضابط السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، كان أحد المسؤولين العسكريين الذين رأوا أن التقدير الخاطئ من إسرائيل لشخصية السنوار كان مقدمة لأكبر فشل في مجال الاستخبارات الإسرائيلية، خلال حديثه مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
فيما تحدث عن السوار تحديداً بالقول: “بالنسبة للسنوار، لم نفهمه على الإطلاق.. لقد نجح في الخداع النهائي”.
بينما أشارت الصحيفة إلى تقييم استخباراتي إسرائيلي يشير إلى أن السنوار شخص “موثوق ومؤثر ومقبول من قبل أصدقائه ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والدهاء والتلاعب ويكتفي بالقليل، يحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين، ولديه القدرة على الإقناع والحشد”.
ذلك بعد أن قضى السنوار سنوات سجنه في تعلم العبرية والتعمق في فهم العقل الإسرائيلي بمتابعة الأخبار وقراءة كتب وأفكار قادة الحركة الصهيونية مثل زئيف جابوتنسكي، ومناحيم بيغن، وإسحق رابين.