اتسعت أعمال شغب شارك فيها مئات المحتجين المناهضين للهجرة في عدة بلدات ومدن في بريطانيا٬ وذلك بعد انتشار سريع لمعلومات زائفة عبر الإنترنت عن أن مهاجرا من “المسلمين المتشددين” يشتبه في أنه نفذ هجوماً بسكين يوم الاثنين الماضي ضد 3 فتيات خلال حفل راقص في مدينة ساوثبورت.
وكانت آخر مرة شهدت فيها بريطانيا أعمال عنف كبيرة واسعة النطاق في عام 2011 حينما نزل الآلاف إلى الشوارع لخمس ليال بعد مقتل رجل من ذوي البشرة السوداء برصاص الشرطة في لندن.
أعمال عنف وشغب.. ماذا يحدث في بريطانيا؟
- أربكت مظاهرات لمجموعات يمينية متطرّفة، عدداً من المدن البريطانية هذا الأسبوع، ما دفع السلطات لتعزيز الانتشار الأمني منعاً لأعمال شغب٬ وذلك بعد انتشار معلومة مضللة أن مسلماً متشدداً قام بطعن وقتل 3 فتيات صغيرات في مدينة ساوثبورت (شمال غربي البلاد).
- وتقول الشرطة إن المشتبه به أكسل روداكوبانا يبلغ من العمر 17 عاماً ومن مواليد كارديف في ويلز وليس مسلماً مهاجراً٬ لوالدين من رواندا. لكن الاحتجاجات المناهضة للهجرة وللمسلمين استمرت وتحولت إلى أعمال عنف وشغب، وكانت مدينة سندرلاند في شمال شرق إنجلترا مسرحاً لأحدث احتجاج الجمعة.
- انتشرت الشرطة البريطانية لاحتواء احتجاجات لليمين المتطرف وأخرى مضادة لها، السبت، مع الخشية من مزيد من الاضطرابات بعد ليلة ثالثة من أعمال الشغب٬ فيما قامت باعتقال العشرات وحذرت من دعوات جماعات يمينية للخروج والتظاهر.
- عبّر أئمة المساجد في بريطانيا عن قلقهم من تصاعد التحريض ضدهم؛ إذ تعرّض مسجد في مدينة سندرلاند في شمال شرقي البلاد، وآخر في مدينة ساوثبورت (شمالي غرب) لهجمات خلال اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين.
- شهدت كثير من المدن البريطانية تظاهرات، بينها مانشستر وليدز ونوتنغهام وبورتسموث ولندن، وكذلك بلفاست في آيرلندا الشمالية. وتخلل بعض هذه المظاهرات أعمال عنف، حيث ألقى متظاهرون حجراً على رجال الأمن، وحطّموا نوافذ فندق استُخدم لإيواء طالبي لجوء مؤقتاً، وأحرقوا سيارات.
-
وتجمع مئات من المحتجين المناهضين للهجرة مساء الجمعة في سندرلاند ورشقوا قوات مكافحة الشغب بالحجارة قرب مسجد في المدينة قبل أن يقدموا على قلب مركبات وإضرام النار في سيارة وإشعال حريق آخر بجوار مكتب للشرطة.
- وقالت الشرطة في ليفربول اليوم السبت إن عددا من أفرادها أصيبوا في أثناء محاولتهم السيطرة على “اضطراب خطير” في وسط المدينة. وقالت السلطات في مدينة هال بشرق إنجلترا إنها ألقت القبض على أربعة محتجين وإن ثلاثة من أفرادها أصيبوا في أثناء التعامل مع الاحتجاجات.
من يقف وراء إذكاء الاحتجاجات ضد المسلمين؟
- أُطلقت أكثر من 30 دعوة مجهولة المصدر في كل أنحاء بريطانيا للاحتجاج معظمها تحت الشعار المناهض للهجرة “إينف إز إينف”- “Enough is enough” (كفى)، والذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وفقاً للجمعية المناهضة العنصرية “هوب نات هيت” (الأمل وليس الكراهية).
- لكن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اتهم جماعات “اليمين المتطرف” في البلاد بالتسبب في أعمال العنف٬ وأعلن مساندته للشرطة في اتخاذ إجراءات صارمة. قال مكتب ستارمر إن رئيس الوزراء ناقش موضوع الاضطرابات مع عدد من كبار المسؤولين اليوم السبت 3 أغسطس/آب 2024.
- وتقول صحيفة “التايمز” إنه مع بداية الأحداث٬ دعا تومي روبنسون، الزعيم السابق لرابطة الدفاع الإنجليزية (أقصى اليمين)، الحكومة إلى “إغلاق حدودنا، وترحيل كل هؤلاء المخطئين”، مضيفا في وقت لاحق “ما الذي سيدفعكم إلى الغضب لكي تفعلوا شيئا ما بشأن ما حدث؟”.
- وأشارت الصحيفة البريطانية أيضاً إلى أن الملاكم الأولمبي البريطاني السابق أنتوني فاولر حصل على 4 ملايين مشاهدة عندما اتهم “رجلاً سورياً” بارتكابه حادثة الطعن الجماعي.
-
وتقول صحيفة “
فاينانشيال تايمز
“٬ إنه مع التخطيط لعشرات الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع٬ فإن الجهود المبذولة لقمع الاضطرابات أصبحت معقدة بسبب الطريقة التي تطور بها اليمين المتطرف من المنافذ العنصرية المنظمة بشكل رسمي في الماضي، مثل الحزب الوطني البريطاني المنحل، إلى مجموعات منشقة أكثر تجزئة مدفوعة بالشخصية.
- وقد تم تسهيل قدرتهم على إثارة الاحتجاجات ونشر المعلومات المضللة٬ من خلال المنشورات الفيروسية عبر الإنترنت وخوارزميات على TikTok وX، بالإضافة إلى قنوات Telegram المخصصة.
- وقال بول جاكسون، أستاذ تاريخ التطرف والراديكالية في جامعة نورثامبتون، إن الشرطة تواجه الآن خصماً “غير واضح المعالم”، بدلًا من كيان واحد يمكن حظره أو فرض عقوبات عليه. وقد تعززت “شبكة أوسع” من الجماعات والشخصيات اليمينية المنشقة، التي تجد قضية مشتركة وقدرتها على التنظيم بشكل عفوي، بشكل كبير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي .
كيف تعاملت الحكومة البريطانية مع أعمال الشغب؟
- توعّدت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر على منصة «إكس» مثيري الشغب بأنّهم «سيدفعون ثمن عنفهم وسلوكهم البلطجي». بينما اتهمت عمدة المنطقة الشمالية الشرقية، كيم ماكغينيس، «جماعات يمينية متطرفة» بالوقوف وراء أعمال العنف. وقالت: “أعلنوا عما سموه احتجاجاً سلمياً” في سندرلاند. وأضافت في حديث لشبكة «بي بي سي»: “لكن ليس ما هو سلمي في الأمر. إنه إجرام وعنف، وكان رد الشرطة قوياً”.
- وندّدت وزيرة التعليم والنائبة عن سندرلاند، بريدجيت فيليبسون، بعنف “لا يغتفر”. وأضافت أنه “سيجري التعرف على المجرمين المتورطين ومحاكمتهم ومعاقبتهم”.
- بدورها، قالت وزيرة الداخلية السابقة المحافظة بريتي باتيل، والمرشحة لزعامة حزب المحافظين إن العنف “غير مقبول على الإطلاق”. وطالبت باتيل الحكومة بدعوة البرلمان للانعقاد على الرغم من أنه بدأ الثلاثاء عطلته الصيفية التقليدية.
- أكدت شرطة العاصمة لندن، في بيان، أنها “لن تتسامح مع الأفراد الذين يستخدمون الحق في التظاهر كوسيلة لارتكاب أعمال عنف أو التحريض على الكراهية العنصرية والدينية تجاه السكان أو الشرطة”.
- وطلبت السلطات البريطانية من المساجد في أنحاء المملكة المتحدة تعزيز إجراءاتها الأمنية، بينما نشرت الشرطة المزيد من أفرادها.