“أعلم أنك لن تستسلمي، أنجيلا، وأعلم أنه في يوم من الأيام ستحققين بجهدك وعرقك ما تستحقينه. في منافسة عادلة أخيراً” – رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ملوني
قادت وسائل الإعلام الغربية حملة شرسة ضد لاعبة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد فوزها على لاعبة إيطالية في أقل من دقيقة.
اتهمت العديد من وسائل الإعلام الغربية، وحتى بعض السياسيين، خليف بأنها ذكر وليس أنثى، وبدت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، على رأس المشككين في جنس إيمان خليف.
إذ شاركت ميلوني صورة لها مع اللاعبة الإيطالية أنجيلا كاريني بعد خسارتها في نزال بأولمبياد باريس 2024، مواسية إياها ومتمنية لها المشاركة في منافسة “عادلة”، وسبقها انتقاد المنافسة وقولها في تصريحات خلال زيارتها القرية الأولمبية إنها عارضت منذ عام 2021 السماح للرياضيين الذين يتمتعون بخصائص “ذكورية جينيًا” بالمنافسة ضد النساء.
لتنضم رئيسة الوزراء الإيطالية إلى مجموعة من السياسيين والصحف الغربية ونشطاء اليمين في دول غربية، الذين اتهموا الشابة الجزائرية بأنها ذكر، وطالبوا باستبعادها من المسابقات النسائية.ً
لكن على الجانب الآخر من الحملة الشرسة ضد الملاكمة الجزائرية، وقفت لجان رياضية في الجزائر والأولمبياد نفسه مدافعة بقوة عن إيمان خليف، منتقدة الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة حول كونها “ذكراً” أو “عابرة جنسياً”.
الأزمة بدأت من لكمة خسرت بعدها الملاكمة الإيطالية
بدأت الأزمة بعد خسارة الملاكمة أنجيلا كاريني، بعد 46 ثانية فقط من بداية النزال ضد منافستها الجزائرية إيمان خليف (26 سنة).
وبعد لكمة إيمان، انهارت الإيطالية على ركبتيها وبكت في منتصف الحلبة، وأشارت برغبتها للانسحاب من النزال.
ثم رفضت مصافحة منافستها، وتركت الحلبة والدموع تملأ عينيها في ثمن نهائي أولمبياد باريس 2024، يوم الخميس 1 أغسطس/آب 2024.
صرحت لاحقاً أنها “شعرت بألم شديد في أنفها، ولم تشعر بلكمة مثل هذه من قبل”، لتبدأ بعدها حملة ضد خليف شنتها وسائل إعلام غربية ومشاهير يتقدمهم مالك موقع “إكس” إيلون ماسك، وسياسيين على رأسهم ميلوني ونائبها اليمين المتطرف ماتيو سالفيني، الذي ألمح إلى إلى أن خليف ليست امرأة.
وحاول المتهجمون على الملاكمة الجزائرية إيهام الرأي العام أنها “عابرة جنسيا” أو “ذكراً”، بسبب أزمة سابقة تعرضت لها قبل عام.
ومقابل الهجمة التي تعرضت الملاكمة إيمان خليف، أطلق الجزائريون ومتضامنون من جنسيات أخرى حملة تضامن واسعة مع بطلة الملاكمة، تقدمها مشاهير ونجوم المنتخب الوطني لكرة القدم.
خلاف حول هرمون التستوستيرون.. أم بين لجان رياضية دولية؟
إذ دار جدل حول أهلية إيمان لخوض دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، على خلفية استبعادها في 2023 من خوض نهائي بطولة العالم في نيودلهي.
وقد استغل الاتحاد الدولي للملاكمة (IBA) وجود الملاكمة في باريس لانتقاد اللجنة الأولمبية الدولية (IOC)، التي تنظم الأولمبياد.
وقال إن إيمان استبعدت (مع ملاكمة أخرى من تايوان) في العام الماضي لعدم خوضهما اختبار الأهلية الجنسانية، لكنه أكد أنهما لم تخضعا لـ “اختبار التستوستيرون”، كما جرى تداول البيان، وأشار إلى أنهما خضعتها “لاختبار منفصل ومعترف به لكن تبقى تفاصيله سرّية”، دون توضيح.
إذ لم يقدم الاتحاد الدولي للملاكمة تفاصيل محددة بشأن استبعاد اللاعبتين، ولكنه قال إن القرار استند إلى “اختبارين موثوقين” في بطولات العالم في إسطنبول عام 2022 ونيودلهي عام 2023.
لكن هناك خلاف سابق وطويل بين الاتحاد الدولي واللجنة الأولمبية الدولية، إذ اتهمت الأخيرة اتحاد الملاكمة باتخاذ “قرار تعسفي” ضد اللاعبتين.
فالخلاف الممتد لسنوات بين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للملاكمة هو بشأن الحوكمة والمالية والأخلاقيات، كما أشارت لذلك صحف غربية مثل The Guardian البريطانية.
وقد قررت اللجنة استبعاد الاتحاد من هياكلها بسبب النزاع بين رئيستي المنظمتين الدوليتين، الألماني توماس باخ (اللجنة الأولمبية)، والروسي عمر كريمليف (الاتحاد الدولي).
ما يعني أن الهيئة الأولمبية الدولية تتحمل مسؤولية تنظيم الملاكمة في ألعاب باريس، وذلك منذ استبعاد الاتحاد الدولي من الأولمبياد منذ عام 2019.
وقد حسمت اللجنة الأولمبية الدولية الجدل الذي أثاره بيان منافستها، وقالت إنها اتخذت قرارات الأهلية للرياضيين بناءً على القواعد المتعلقة بالجنس التي كانت سارية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016.
اللجنة الأولمبية الدولية: لا يوجد ملاكمات غير مؤهلات
اللجنة الأولمبية الدولية أكدت “أنه لا يوجد قضية تحت اسم ملاكمات غير مؤهلات للمشاركة في منافسات أولمبياد باريس 2024”.
وقالت إنه قد تم الإبلاغ عن “معلومات مضللة” بشأن خليف واللاعبة التايوانية، وأشارت إلى أنهما كانتا تتنافسان في الأحداث الدولية للملاكمة لسنوات عديدة، بما في ذلك ألعاب طوكيو قبل ثلاث سنوات.
وأضافت اللجنة الدولية أن “جميع الرياضيين المشاركين في منافسات الملاكمة في هذه الدورة، اتبعوا قواعد الأهلية والتسجيل، بالإضافة إلى الامتثال الكامل للوائح الطبية المعمول بها والتي وضعتها وحدة الملاكمة في باريس 2024”.
وصفت اللجنة الأولمبية الدولية قرار الاتحاد الدولي للملاكمة باستبعادهما العام الماضي بأنه “مفاجئ” و”تعسفي” وقد تم اتخاذه “دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة”.
وأضاف: “نحن نحمي نساءنا وحقوقهن في المنافسة في الحلبة ضد منافسات متساويات، وسندافع عنهن وندعمهن في جميع الحالات؛ لا يجب أبداً أن تُسلب آمالهن وأحلامهن من قبل منظمات غير مستعدة لفعل الشيء الصحيح في الظروف الصعبة”.
لجنة رياضية جزائرية: الأمة فخورة ببطلتها ضد الهجمات غير الأخلاقية
نددت اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية، بحملات تشويه استهدفت الملاكمة إيمان خليف، خلال منافساتها في أولمبياد باريس 2024، وأكدت أنها اتخذت الإجراءات اللازمة لحمايتها.
جاء ذلك، في بيان أصدرته اللجنة مساء الخميس 1 أغسطس/آب، قالت فيه إنها “تندد بشدة بالتصرف غير الأخلاقي الذي استهدف بطلتنا المرموقة إيمان خليف من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية بالدعاية الباطلة”.
وأضافت أن “مثل هذه الهجمات على شخصها غير أخلاقية وباطلة تماماً، خاصة وهي تستعد لأهم حدث في مسيرتها الرياضية، الألعاب الأولمبية”، مؤكدة أنها اتخذت كل الإجراءات اللازمة لحمايتها.
وقالت اللجنة مخاطبة إيمان خليف: “الأمة كلها تقف خلفك، فخورون بإنجازاتك والشرف الذي تجلبينه للجزائر، ونحن نركز على موهبتك الرائعة والعمل الجاد الذي بذلته لتمثيل وطننا على الساحة العالمية”.
وطالبت اللجمة حكومة بلادها “بتشجيع البطلة إيمان التي صارت تسبب الأرق للبعض بمستواها العالي جداً”.
من هي إيمان خليف؟
إيمان خليف هي ملاكمة جزائرية، ولدت وعاشت طوال عمرها أنثى.
نافست لسنوات في البطولات المحلية والدولية، وقد فازت بميدالية فضية في بطولة العالم للاتحاد الدولي للملاكمة عام 2022.