بالتأكيد شاهدتم صورة لاعب الرماية التركي الذي أصبح أيقونة في أولمبياد باريس، الخمسيني يوسف ديكيتش الذي لفت الأنظار له بطريقة تسديده في مسابقة الفرق المختلطة بمسدس هوائي (10 أمتار) في أولمبياد باريس مرتدياً قميصاً بسيطاً باللون الأبيض لفريق تركيا.
ربما أكثر ما لفت النظر للاعب التركي أنه على عكس العديد من منافسيه، لم يستخدم عدسات خاصة لدقة التسديد، كما لم يستخدم سدادات أذن كبيرة لحماية سمعه.
اكتفى اللاعب بارتداء نظاراته الطبية ووضع يده في جيبه ليسدد تسديدات أكسبته الميدالية الفضية مع شريكته شيفال إيلايدا طرهان، وهي أول ميدالية تفوز على الإطلاق لتركيا في الرماية في الألعاب الأولمبية.
عن لاعب الرماية التركي يوسف ديكيتش.. أو “ضابط الدرك”
“أرسلت تركيا رجلاً يبلغ من العمر 51 عاماً، بدون عدسات خاصة أو غطاء للعين أو حماية للأذن، وحصل على الميدالية الفضية” – أحد المنشورات على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، وقد حقق ما يقرب من 90 مليون مشاهدة (نسبة وصول) حتى وقت كتابة هذا التقرير
يوسف، هو لاعب رماية تركي يبلغ من العمر 51 عاماً، إذ ولد في 1 يناير/كانون الثاني 1973، في قرية تاسولوك في محافظة كهرمان مراش التركية، كما أشار موقع قناة beIN SPORTS الرياضية.
وهو جندي برتبة ضابط درك رقيب أول في القيادة العامة لقوات الدرك، كما أشارت صحيفة Milliyet التركية.
ديكيتش لاعب رماية تركي محترف، وقد مثل بلاده في أولمبياد الصيف لـ 4 دورات متتالية، وذلك في أعوام 2008 و2012 و2016 و2020، كما أشارت وكالة الأنباء أسوشيتد برس (AP)، والنسخة الإنجليزية لوكالة “الأناضول“.
يوسف كان رامياً منذ عام 2001، وقد فاز سابقاً بميداليتين ذهبيتين في بطولات العالم للرماية التي ينظمها الاتحاد الدولي لرياضات الرماية (ISSF)، وميدالية ذهبية في كأس العالم للرماية التابعة لنفس الاتحاد، وخمس ميداليات ذهبية في بطولات أوروبا للرماية.
كما فاز بميداليات في ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2013، وفاز، أخيراً وقد لا يكون آخراً-صنع التاريخ لبلاده في ألعاب الرماية بفوزه بالميدالية الفضية في أولمبياد باريس، يوم الثلاثاء 30 يوليو/تموز 2024.
ويتطلع الآن إلى المشاركة في أولمبياد لوس أنجلوس 2028، والحصول على الميدالية الذهبية.
هذا رغم أنه لا يملك مدرباً خاصاً، بل يدرب نفسه بنفسه، وهو أيضاً لا يستخدم مسدسه خارج وقت الخدمة، كما أشار موقع تلفزيون CNN Türk.
لماذا شارك لاعب الرماية التركي دون معدات خاصة؟
حصلت صور يوسف على الكثير والكثير من التعليقات والإشادة بفضل مظهره البسيط وأسلوبه الهادئ، وقد أشاد عشرات الآلاف من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بثقته التي بدت حتى غير اكتراث ومهارته، إلى حد أن البعض كان يتحدث بنوعٍ من الاقتناع عن إمكانية أن يكون “قاتلاً حقيقياً”.
خصوصاً أن طريقة ديكيتش في الرماية لم يستخدم فيها أية معدات خاصة، وكان هذا اختياره كما بدى من تجهيزات شريكته المشاركة في الفريق نفسه.
فضل يوسف الرماية بعينيه مفتوحتين، ويبدو أنه وجد في ذلك وسيلة أكثر صحية، إذ قال في تصريحات سابقة لقناة TRT Haber التركية، إنه بحث كثيراً ورأى أن الرماية بهذه الطريقة أكثر صحة، واعتبر نفسه “رامٍ طبيعي”.
إذ يعتمد تقنية نادرة تتمثل في إطلاق النار بكلتا العينين مفتوحتين، في حين يبقي معظم الرياضيين إحداهما مغلقة أو مخفية لتحسين التركيز على الهدف.
كما يستخدم معظم الرماة الأولمبيين حماية متخصصة للأذن مع العدسات لحجب الرؤية وتقليل الوهج الذي يصل إحدى العينين، ولكن ديكيتش لم يكن بحاجة لأي من ذلك وكاد أن يفوز بالذهبية أمام الثنائي الصربي زورانا أرونوفتيش، ودامير ميكيتش.
المعدات الوحيدة التي ارتداها كانت سدادات الأذن الصغيرة الصفراء لمنع التشتيت بالأصوات أثناء التصويب، وقد ظهرت في بعض الصور التي شوركت له من زوايا مختلفة.
“النجاح لا يأتي وأنت تضع يديك في جيبك”.. لكنه جاء!
صفحة الرياضي التركي على موقع الألعاب الأولمبية تحمل جملة ذات معنى فلسفي مثلت عكس ما حدث معه، إذا نظرنا للمعنى الحرفي.
شعار اللاعب التركي يقول إن “‘النجاح لا يأتي وأنت تضع يديك في جيبك”، لكنه فاز بالفضية لتوه وهو يضع يده في جيبه حرفياً.
وحتى هذه الجملة الفلسفية لفتت أنظار بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين تحدثوا عن فوزه وهو يضع في جيبه رغم أنه يؤمن أن النجاح لا يأتي بوضع اليد في الجيب.
لكن يبدو أن وضع يده في جيبه كانت تمثل له مسألة راحة، وقال إن ذلك يشعره بالارتياح وليس له علاقة بكونه “فناناً”.
هذه الثقة أكسبته مشاركة الآلاف لصوره ليحاكي نجوم أبطال الأكشن والعملاء السريين ورجال المقاومة.
ديكيتش نفسه أعاد نشر فيديو لميمات أثناء لعبه عبر صفحته على إنستغرام.
تركي وكورية.. أبرز لاعبَين في الرماية بأولمبياد باريس!
حتى الحساب الرسمي للأولمبياد على منصة “إكس” شارك صورة اللاعب التركي للاحتفاء بأسلوبه الواثق، وكتب تعليق: “نجوم #الرماية في الأولمبياد الذين لم نكن نعلم أننا بحاجة إليهم”.
النجمة الثانية التي حظت بالإشادة كانت الكورية الجنوبية كيم ييجي، التي شاركت بمظهر جريء وواثق أيضاً في مسابقة مسدس الهواء للسيدات (10 أمتار).
المفارقة أن كيم أصبحت مشهورة للسبب المعاكس تماماً لديكيتش، وهو معداتها المتقدمة في رياضة الرماية، لكنها مثله كانت هادئة وواثقة، وحصلت أيضاً على الميدالية الفضية، كما أشار موقع شبكة التلفزيون الأوروبي Euronews.