في البلدة القديمة في مدينة القدس، وتحديدًا في غربها بالقرب من شوارع يافا وهيلل، حيث يكتظ السياح والمتجولون الأوروبيون، يقع متحف متطور وتفاعلي يحمل اسم “متحف أصدقاء صهيون” (Friends of Zion Museum). في أولى قاعاته، يعيد المتحف الرواية التوراتية ونشأة “الشعب اليهودي ودولة إسرائيل”، من خلال سرده لقصة إبراهيم وسارة والوعد الإلهي بالأرض وأبنائه من بعده، متابعًا بسرد تاريخي لاحتلال المنطقة وتأسيس إسرائيل، للقول إن “هذه هي بداية “إسرائيل” الحقيقية”، رابطين دولة الاحتلال بالرواية التوراتية وبتاريخ الأنبياء، لوهم الزائرين إلى أن تاريخ اليهود في فلسطين بشكل عام، وفي القدس بشكل خاص ممتد لآلاف السنين وليس تاريخًا طارئًا.
ويضم المتحف أيضًا قصصًا عن بعض المسيحيين الصهاينة الأوائل الذين دعموا وتحدثوا عن عودة اليهود إلى أرض فلسطين، حتى قبل مفهوم الصهيونية الحديثة. واحدة من هذه الشخصيات هي جورج بوش، الذي كتب في عام 1844 كتاب “وادي الرؤية، عظام إسرائيل الجافة تعود للحياة”، حيث استلهم من رؤية نبي السبي “حزقيال” عن عودة اليهود إلى أرض فلسطين. وليس تشابه أسماء، جورج بوش هو الجدّ الأكبر لكل من رئيسي الولايات المتحدة الأمريكية الذين دخلا في حرب مباشرة في العراق، جورج بوش الأب عام 1991، وجورج بوش الابن عام 2003.
يذكر هذا المتحف زواره ويذكرنا أيضًا، بجوهر المشروع الاستعماري الصهيوني “إسرائيل” الذي يميزه عن غيره من باقي المشاريع الاستعمارية، ألا وهو أساسه القائم على أساطير دينية التي آمنت ولا تزال تؤمن أن دولة اليهود يجب أن تقام على أرض فلسطين حتى يعود المسيح.
ولعل ذلك يساعدنا على فهم هذا الجوهر الديني المتطرف والمغلق لهذا الاحتلال ودولته، الذي يعاد وبصورة عنيدة للاختلاط بالآخرين والذوبان فيهم؛ بل لا يسعى حتى لتحويل الآخرين إلى دينهم وملّتهم أو حتى طريقة عيشهم، ولذلك قامت سياساتهم بإيمان تام على إبادة “الفلسطينيين” السكان الأصليين عن طريق استحواذ الصهيونية على الأرض بالكامل، وقد حدث ذلك في أبهى صوره عام 1948، عندما قامت الحركة الصهيونية وبصورةٍ مدروسة بأحد أكبر عمليات التطهير العرقي في العصر الحديث.
لمتابعة باقي التفاصيل اضغط هنا.