كشف تحقيق نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الثلاثاء 16 يوليو/تموز 2024، أن جماعات إسرائيلية يمينية متطرفة عملت على منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة قد تلقت تبرعات معفاة من الضرائب في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ووفقاً للتحقيق الذي أجرته الوكالة الأمريكية بالتعاون مع موقع شومريم الاستقصائي الإسرائيلي، فقد جمعت 3 مجموعات إسرائيلية أكثر من 200 ألف دولار معفاة من الضرائب من المانحين في الولايات المتحدة وإسرائيل، حسبما أظهرت مواقع التمويل الجماعي وغيرها من السجلات العامة.
وتقول جماعات تعمل على إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة إن تسهيل هذه التبرعات وجعلها معفاة من الضرائب يتعارض مع التزامات أمريكا وإسرائيل المعلنة بالسماح بدخول كميات غير محدودة من الغذاء والمياه والأدوية إلى غزة.
وقد استمرت التبرعات حتى بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إحدى هذه الجماعات.
ونقلت أسوشيتدبرس عن تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة جِيشا، وهي منظمة إسرائيلية غير ربحية تطالب إسرائيل بتحسين الظروف في قطاع غزة، قولها إن هناك ازدواجية في السياسة الإسرائيلية المتعلقة بمساعدة غزة من خلال عدم اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه المجموعات.
وقالت هاري: “إذا كنت تقول من ناحية إنك تسمح بدخول المساعدات ولكنك تسهل أيضاً تصرفات المجموعات التي تمنعها، فهل يمكنك حقاً أن تقول إنك تسهل دخول المساعدات؟”
دعم سياسي للمجموعات اليمينية
وقد عملت المجموعات الثلاث التي شملها التحقيق على إبطاء تسليم المساعدات من خلال منع الشاحنات من الوصول إلى غزة، إما عن طريق تعطيل حركة المرور أو التظاهر أمام معبر كرم أبو سالم الرئيسي.
ورغم أن هذه المنظمات ليست العائق الأساسي أمام وصول المساعدات حسبما ذكر التحقيق، إلا أنها حظيت بدعم ضمني من بعض الزعماء الإسرائيليين. فقد طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بمنع شحنات المساعدات إلى غزة، وأعرب عن تأييده لحق المعارضين في التظاهر.
وقد تمكنت إحدى المجموعات، وهي “مسيرة الأمهات”، من جمع حوالي 125 ألف دولار عبر موقع “جيفشاك” الإسرائيلي للتمويل الجماعي، حسبما وجدت وكالة أسوشيتد برس وموقع شومريم. كما جمعت المجموعة نحو 13 ألف دولار عبر موقع “جيه جيف” الأمريكي الإسرائيلي للتمويل الجماعي.
يذكر أن “مسيرة الأمهات” لا تقوم بجمع الأموال بشكل مباشر، بل تعمل بدلاً من ذلك مع مجموعة حليفة تسمى “توراة ليشيما” والتي تقوم بجمع الأموال نيابة عنها.
وبحسب موقعها على الإنترنت، فإن “توراة ليشيما”، نشطة في الدوائر القومية الإسرائيلية وتعمل على “تعزيز الهوية اليهودية والروح القتالية بين الجنود الإسرائيليين”.
وحتى فرض العقوبات عليها الشهر الماضي، جمعت مجموعة ثالثة، تدعى “تساف 9″، أكثر من 85 ألف دولار من نحو 1500 متبرع في الولايات المتحدة وإسرائيل عبر موقع “جيه جيف”. وقال موقع “جيه جيف” إن التبرعات المقدمة إلى “تساف 9” تم تجميدها حتى قبل فرض العقوبات ولم يتم تسليمها للمجموعة.
نهب شاحنات المساعدات
وتقول المجموعات الثلاث، التي تربطها علاقات باليمين القومي المتطرف في إسرائيل، إن إسرائيل لا ينبغي لها أن تساعد الفلسطينيين ما دامت حماس تحتجز العشرات من الرهائن. كما تزعم هذه المجموعات أن حماس تسرق الكثير من المساعدات، رغم أن مجموعات الإغاثة نفت هذه المزاعم.
وقالت مجموعة “مسيرة الأمهات” في حملة تمويل جماعي أطلقتها مؤخراً: “لا للمساعدات الإنسانية التي تمنح الوقود للعدو الذي يقتلنا! لا للمئات من الشاحنات التي تمر كل يوم عبر معبر كرم أبو سالم – وتطيل أمد الحرب!”.
وقد أقام مئات الناشطين خياماً في معبر كرم أبو سالم لعدة ليال في أوائل فبراير/شباط لوقف تسليم المساعدات. واحتجزت الشرطة الإسرائيلية لفترة وجيزة رئيسة مجموعة “مسيرة الأمهات”، سيما حسون، في يناير/كانون الثاني بعد أن أوقفت الشاحنات مؤقتاً.
وأظهرت تقارير إخبارية إسرائيلية قوافل كبيرة من السيارات تمنع شاحنات المساعدات من السفر على الطرق السريعة الإسرائيلية، فضلاً عن ناشطين ينهبون الشاحنات ويدمرون الإمدادات.
وفي أمر العقوبات الذي أصدره البيت الأبيض، اتُهمت منظمة “تساف 9” بإغلاق الطرق بالقوة، وإتلاف شاحنات المساعدات، وإلقاء الإمدادات على الطريق. وفي مايو/أيار، قالت الولايات المتحدة إن أعضاء المنظمة نهبوا وأضرموا النار في شاحنتين في الضفة الغربية تحملان مساعدات متجهة إلى غزة. وفي الأسبوع الماضي، فرض البيت الأبيض عقوبات على المؤسسين المشاركين في المجموعة.
ولم تقم الشرطة الإسرائيلية، التي تخضع لسلطة بن غفير، سوى بعدد قليل من الاعتقالات، رغم أن المجموعة يبدو أنها أوقفت أنشطتها في الأسابيع الأخيرة.
وكانت تقارير سابقة أشارت إلى أن أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية ينقلون معلومات تتعلق بمواقع شاحنات المساعدات للناشطين اليمينيين المتطرفين والمستوطنين ما يمكّنهم من منع ومهاجمة قوافل المساعدات.