منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، تعرضت “إسرائيل” لهجمات من خصومها على كافة الجبهات: في الجو، بالصواريخ والطائرات بدون طيار٬ وفوق الأرض بالمعارك مع المقاتلين٬ وتحت الأرض في هجمات الأنفاق٬ لكن ماذا عن التهديدات عبر البحر. فمن سيحمي كابلات الإنترنت الإسرائيلية تحت الماء من هجمات حزب الله إذا قرر ذلك؟
كابلات الإنترنت الإسرائيلية تحت الماء.. الهدف المكشوف للجميع
تقول صحيفة globes الإسرائيلية٬ إنه أثناء التعامل مع العديد من الجبهات، يتعين على إسرائيل أن تتذكر أن هناك أيضاً تهديداً ضدها تحت الماء خطير جداً٬ حيث يتمتع حزب الله بالقدرة على مهاجمة شبكة الإنترنت الخاصة بها تحت الماء حيث كابلاتها البحرية.
وترى الصحيفة العبرية أن كابلات الإنترنت الإسرائيلية لم تؤخذ حمايتها بعين الاعتبار بشكل كافٍ من قبل الحكومة الإسرائيلية والجيش٬ حيث أن هذه الصناعة تنمو سنوياً بمقدار 16.7% ومن المتوقع أن يتعمق الاعتماد الإسرائيلية على الكابلات البحرية بشكل أعمق عاماً بعد عام.
التحدي الأمني الأول الذي يتعلق بالكابلات البحرية ينطبق على أي بلد تستخدمها. ويكفي أن تفتح موقع خريطة الكابلات البحرية وترى مسار جميع الكابلات في العالم. لكن إسرائيل تعمل قدر الإمكان على إخفاء مواقع الكابلات البحرية الدقيقة.
لكن مواقع تواجدها على الساحل وفي البحر معروف٬ على سبيل المثال، من المعروف أن كابل IC-1 يربط بين حيفا ونهاريا، لكن نقطة دخوله الدقيقة غير معروفة٬ على الأرجح بسبب تهديدات حزب الله.
وبحسب معهد ألما الإسرائيلي للدراسات، فإن حزب الله على الأرجح يمتلك غواصات إيرانية هجومية من طراز “غدير” يبلغ طولها حوالي 29 متراً، وتستطيع حمل قوة كوماندوز مكونة من 10-18 شخصًا، وقد يكون لديها بعض الصواريخ الهجومية٬ والغواصات التي يتم التحكم بها عن بعد٬ مما قد يهدد تلك كابلات الإنترنت الإسرائيلية.
هجمات الحوثيين ألحقت أضراراً
بالكابلات البحرية وعرقلت مشاريع
بحسب صحيفة “غلوبس”٬ فقد تأثر مجال كابلات الإنترنت البحرية في إسرائيل بالفعل بسبب الحرب، حيث تأخر نشر كابلات “Blue-Raman” وسنتوريون البحرية، والتي تهدف العبور إلى إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية٬ وذلك بسبب المخاطر التي يفرضها الحوثيين، حيث قررت الرياض عدم إصدار التراخيص المطلوبة لمد هذه الكابلات٬ بسبب المخاطر من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وتعتمد 99% من حركة البيانات في العالم على ما يقرب من 550 كابل بحري في العالم بحسب المصادر الأمريكية، يبلغ طولها الإجمالي حوالي 1.4 مليون كيلومتر في قاع المحيط. وتبلغ القدرة الاستيعابية الإجمالية للكابلات البحرية تيرابت في الثانية، بينما تقدم الأقمار الصناعية عادة 1000 ميغابت في الثانية. لذا فإن نظام الكابلات البحرية النموذجية متعدد التيرابايت عبر المحيطات، يكلف مئات ملايين الدولارات.
نتيجة لتكلفة هذه الكابلات وفائدتها، فإنها تحظى بتقدير كبير ليس فقط من قبل الشركات التي تبنيها وتشغلها من أجل الربح، ولكن أيضاً من قبل الدول والجيوش والاستخبارات، وتعتبر جزءاً أساسياً في البنية التحتية للدول، وجزءاً حيوياً لاقتصاداتها.
وزاد الوعي العالمي بالكابلات البحرية في الأشهر الأخيرة بسبب هجمات الحوثيين في اليمن ضد سفن الشحن٬ مما دفع معظم شركات الشحن العملاقة إلى تجنب عبور البحر الأحمر الذي يمر عبره 16 كابلاً من الشرق الأقصى.
وتسبب الحوثيون بالفعل في أضرار عندما تعرضت السفينة التجارية المملوكة لبريطانيا “روبيمار” في 18 فبراير/شباط، لإسقاط مرساة، مما أدى إلى كسر ثلاثة كابلات، وتسبب الحادث، وفقا لشركة HGC Global Communications، في أضرار جسيمة للاتصالات والانترنت الشرق الأوسط.
الروس موجودون في الصورة أيضاً
التهديدات المباشرة لإسرائيل تحت الماء لا تتوقف عند حزب الله والحوثيين. وتمتلك راعيتهم إيران قوتان بحريتان مختلفتان: البحرية الإيرانية المرتبطة بالجيش الإيراني ويبلغ عددها نحو 18 ألف جندي، والبحرية التابعة للحرس الثوري والتي تعمل تحت قيادة قائد الحرس الثوري حسين سلامي وهم بحسب تقديرات إسرائيلية 20 ألف جندي بحري إضافي. وكجزء من أسطول الجيش، تدير إيران، من بين أمور أخرى، ثلاث غواصات هجومية ونحو 15 غواصة صغيرة يمكنها أيضاً مهاجمة الكابلات البحرية.
وهناك تهديد كبير آخر يأتي من روسيا بحسب صحيفة “غلوبس” العبرية. حيث كتب المقدم إيلي جينسبيرغ -ضابط البحرية الإسرائيلية المعروف والذي كان قائداً لوحدة “لوتر” في الجيش الإسرائيلي قبل مقتله على يد كتائب القسام في معركة كيبوتس بئيري يوم السابع من أكتوبر- كتاباً حول “التحديات في الدفاع عن البنى التحتية تحت الماء: كابلات الاتصالات تحت البحر والتهديدات على المستوى الوطني من ميناء طرطوس في سوريا”٬ في إشارة للميناء الاستراتيجي الذي يسيطر عليه الجيش الروسي.
وأشار غينسبرغ إلى أن الروس يديرون سفن استخباراتية مثل “يانتر” التي تعمل تحت ستار سفينة أبحاث مدنية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي منطقة تزخر بالكابلات البحرية، وفي سبتمبر 2017، تم رصد هذه السفينة وهي تعمل جنوب قبرص. أثناء قيامها بالطواف قبالة سواحل إسرائيل ولبنان وسوريا.
وبحسب غينسبرغ٬ تتمتع هذه السفينة الروسية بقدرات متقدمة على المسح والكشف في قاع البحر، بالإضافة إلى حمل سفن تحت الماء، سواء كانت مأهولة أو غير مأهولة، وهي قادرة على الوصول إلى عمق حوالي 6 كيلومترات. أي أنه يمكن القول أن روسيا لديها القدرة على الوصول إلى أي من كابلات الاتصالات الإسرائيلية تحت الماء.
هل تتأثر مصر؟
تقول الصحيفة العبرية٬ إن هذا المزيج من التهديدات ضد إسرائيل، يتوجب السؤال التالي: لماذا لا يوجد مسؤول واحد عن حماية كابلات الاتصالات تحت الماء في إسرائيل؟ أجابت وزارة الاتصالات الإسرائيلية أن “هناك تقسيم للمسؤولية والسلطة بين هيئات مختلفة٬ وكل جهة تتعامل مع الأخطار وتوجه خبرتها وصلاحياتها”.
في الوقت نفسه٬ فإن القوة الإقليمية في مجال كابلات الاتصالات هي مصر جارة “إسرائيل”، التي يمر منها ما لا يقل عن 90% من حركة البيانات عبر الكابلات بين آسيا وأوروبا ونحو 17% من إجمالي اتصالات الإنترنت العالمية٬ هو ما يجعلها في موضع خطير. حيث تمر جميع كابلات الاتصالات التي تربط آسيا بإفريقيا وأوروبا تقريباً عبر مصر، مما يضمن للبلاد دخلاً كبيراً يذهب للحكومة المصرية.
وتقول الصحيفة العبرية٬ يكاد يكون من المؤكد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي راضٍ عن البيانات المالية لشركته الوطنية للاتصالات. وأنهت الشركة المصرية عام 2023 بإيرادات بلغت 56.7 مليار جنيه مصري (نحو 1.19 مليار دولار)، بنمو 28% مقارنة بعام 2022. وفي الوقت نفسه، قفزت الأرباح قبل الفوائد والضرائب خلال العام نفسه بمقدار 30%. وهو مستوى قياسي تاريخي قدره 22.7 مليار جنيه مصري (حوالي 480 مليون دولار).
في الوقت نفسه٬ لم تؤثر هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر بشكل كبير على إسرائيل فحسب، بل على مصر أيضاً؛ حيث تشكل قناة السويس، البوابة الشمالية للبحر الأحمر. وقد اعترفت القاهرة بأن عائدات البلاد من القناة انخفضت بنسبة 40-50% في ظل هجمات الحوثيين ولن يعوض شيد هذه الخسائر الفادحة.