قال موقع ميدل إيست آي البريطاني، الخميس 11 يوليو/ تموز 2024، إن الاحتلال الإسرائيلي يسرع عمليات هدم المنازل في الضفة الغربية، مستغلاً الحرب التي يشنها على قطاع غزة، في محاولة منه لتسريع خطته لضم الضفة الغربية.
ونقل الموقع البريطاني عن نشطاء فلسطينيين شهادات لعمليات يقوم بها الاحتلال تستهدف بعض المناطق على أطراف المدن الفلسطينية في الضفة، وتشن عمليات هدم وتشريد للسكان.
إرهاب المدنيين الفلسطينيين
ففي 25 يونيو/ حزيران، وعند الساعة 8:30 صباحاً، اقتحم حوالي 20 مستوطناً ملثمين مدينة الخليل، بهدف هدم منزل المواطن تامير أبو عيشة، حيث اقتحم المستوطنون المنزل، وجردوا العائلة من هواتفهم، ورموا أثاثهم في الشارع دون منحهم وقتًا لجمع ممتلكاتهم، قبل أن تقوم الجرافات بتسوية المنزل بالأرض.
وقال نادر أبو عيشة، شقيق تامير: “جاءتني بنات أخي يبكين صباحًا، حافيات القدمين ويرتدين ملابس النوم، وطلبن مني القدوم لأنهم يهدمون منزلهم”. وعند وصوله، وجد فراش ابن أخيه الرضيع مرميًا في الشارع.
أوضح نادر أن العائلات عادةً ما تُمنح 20 يومًا على الأقل للإخلاء، لكن في هذه الحالة لم تُعطَ أسرة تامير أي تحذير.
تقول الصحيفة البريطانية: “تمثل عمليات الهدم هذه تقليدًا طويل الأمد تستخدمه إسرائيل لتهجير السكان الفلسطينيين من الضفة الغربية. ولكن منذ طوفان الأقصى، والحرب التي شنها الاحتلال على غزة، ازدادت وتيرة هذه الهدم بشكل كبير.
سموتريش يقوم بعمليات الهدم والتهجير
وكانت هيئة البث العبرية الرسمية، قد ذكرت الأسبوع الماضي أن المجلس الوزاري المصغر “الكابينت” صادق على خطة سموتريتش التي تشمل “شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات”، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول التركية.
كما تشمل الخطة سحب صلاحيات تنفيذية من السلطة الفلسطينية جنوبي الضفة، وتطبيق القانون الإسرائيلي في المناطق “ب”، التي تخضع لسيطرة مدنية وإدارية فلسطينية.
ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة، دمرت القوات الإسرائيلية أكثر من 1000 منشأة في الضفة الغربية، مما أدى إلى تهجير حوالي 2250 شخصًا. ويشرف على هذه الإجراءات بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف والمستوطن ذاته.
وأشار نادر أبو عيشة إلى أن ضابطًا من الجيش أخبره: “سموتريتش الآن في القيادة، وهذا ما يريده. سنهدم 20 منزلاً آخر في المنطقة، وسنجعلها تبدو وكأنها غزة.” وهذا يعني أن الجميع في المنطقة يتوقع أن يكون منزلهم هو التالي، مما يسبب صدمة واضحة على وجوه السكان.
قبل شهر أكتوبر، كانت عمليات الهدم تتركز بشكل رئيسي في المنطقة “ج” التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وغالبًا ما استهدفت المناطق الريفية القريبة من المستوطنات في وادي الأردن وجنوب الخليل. ومع ذلك، ارتفعت عمليات الهدم بشكل ملحوظ في المنطقتين “أ” و”ب” اللتين تخضعان لسيطرة السلطة الفلسطينية أو السيطرة المشتركة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لتصل الأعداد من 29 منشأة إلى 265.
أما في القدس الشرقية المحتلة، ارتفع المعدل الشهري للهدم من 10 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 إلى 17 منذ 7 أكتوبر. وتمثل عمليات الهدم أيضًا شكلاً من أشكال العقاب الجماعي، حيث تستهدف منازل الفلسطينيين “المشتبه بتنفيذهم هجمات” ضد الإسرائيليين.
فمنذ أكتوبر الماضي، قامت السلطات الإسرائيلية بهدم أو إغلاق 38 منشأة عقابياً، مما أدى إلى تهجير 170 شخصاً، وقد تضاعف هذا الرقم مقارنة بعام 2023.
سحب صلاحيات السلطة
ويرى المحلل السياسي أشرف بدر أن المعنى السياسي لإنفاذ القانون الإسرائيلي على المنطقة “ب”، هو سحب صلاحيات السلطة وإضعافها، وذلك بإلغاء فعلي للتقسيمات الإدارية في اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
ويضيف بدر للأناضول، أن للسلطة صلاحيات إدارية في المنطقة “ب”، لكن مع قرارات سموتريتش ستسحب هذه الصلاحيات تدريجيًا، ولن تملك السيطرة على المنطقة المقلصة أصلاً.
كما يشير إلى “خطة يتبناها حزب الصهيونية الدينية منذ 2017، هدفها حسم الصراع وليس إدارته، وهؤلاء يعتبرون أن التعامل مع القضية الفلسطينية كان قائماً على إدارة الصراع، وهذا خطأ من وجهة نظرهم”.
ويوضح أن “الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تسعى للقضاء على أي أمل لدى الفلسطينيين بتشكيل كيان فلسطيني، قد ينظر إليه إسرائيليا كخطر على المشروع الصهيوني، لأنه قد يتطور إلى المطالبة بالاستقلال أو هوية وطنية أو تحقيق ذاتها وطنية أو كيانية سياسية”.
ويشير بدر إلى الخطر المحدق بالمنطقة “ج”، موضحًا أن “طموح التيار الديني القومي ضمن خطة أعلنت في 2014 هو ضمها، وإعطاء هويات زرقاء (إسرائيلية) لسكانها والذين هم حسب تقديرات إسرائيلية 50 ألفًا، وحسب تقديرات فلسطينية نحو 250 ألفًا”.
مناطق مهددة بالهدم والتهجير
أحد المناطق الأكثر تهديداً هي قرى جنوب الخليل في منطقة مسافر يطا، والتي تعرضت للهدم حتى قبل بدء الحرب على غزة. وفي اليوم التالي لهدم منزل عائلة أبو عيشة، دمرت الجرافات الإسرائيلية 11 منزلاً آخر في قرية أم الخير في مسافر يطا، بالإضافة إلى ثلث بنية القرية التحتية.
وترك أكثر من 50 شخصًا بلا مأوى وهم الآن يحتمون من درجات الحرارة الصيفية المرتفعة في خيم مؤقتة.
وتقع أم الخير ضمن 19 قرية في مسافر يطا التي تعرضت للتهجير منذ أن تم تصنيف المنطقة كمنطقة تدريبات عسكرية في الثمانينات. في مايو 2022، ورغم تعدد الطعون من السكان، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بعدم اعتبار الفلسطينيين سكانًا دائمين، مما أزال آخر العوائق القانونية أمام نقلهم قسرًا.