الأخبار

كل الأعين على نتنياهو! ردّ حماس الأخير رمى الكرة في ملعبه، فهل سينجح في إفشال الصفقة هذه المرة؟ 

حملت جملة التصريحات التي صدرت عن جهات أمنية وسياسية في تل أبيب، وكذلك من أهالي الأسرى الإسرائيليين، في طياتها مخاوف من “نيةً مبيتة” لدى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإفشال صفقة تبادل أسرى عادت تلوح في الأفق بعد رد حماس الأخير.

والخميس، وافق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على إرسال وفد مفاوض إلى الدوحة، يترأسه مدير الموساد دافيد بارنياع، للمشاركة في مباحثات مقترح تبادل الأسرى مع حركة حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد أن تلقى الوسطاء ردًا جديدا من حركة حماس.

وفيما أشارت مصادر متعددة في تل أبيب إلى أنّ إسرائيل متفائلة بشأن الاتفاق وفقا لرد حماس الأخير، فما زالت المخاوف من نيةٍ مبيتة لدى نتنياهو بإفشال الصفقة، خوفًا من انسحاب أحزاب اليمين المتطرف من الحكومة.

القناة 12 الإسرائيلية ذكرت عن مسؤول كبير في الاحتلال قوله إن “رد حماس على الصفقة يتضمن اختراقًا والأمر الآن يتوقف على نتنياهو”.

حيث أشار المسؤول إلى أن هناك مخاوف وقلق لدى الوفد الإسرائيلي المفاوض من أن تخرب جهات مقربة من نتنياهو الفرصة لإبرام صفقة تهدئة.

كما نقلت القناة 13 الإسرائيلية  تصريحات مشابهة عن مصادر في الطاقم المفاوض أكدت على توفر فرصة كبيرة للتوصل لاتفاق إن ترك لها بنيامين نتنياهو الفرصة للقيام بدورها كما يجب، وفقًا للقناة.

غضب من نتنياهو

في السياق، أثار بيان صدر عن مكتب نتنياهو مساء الخميس غضبًا في الأوساط الأمنية الإسرائيلية.

حيث نشرت القناة “12” الخميس أن “مصدرًا أمنيا” بمكتب نتنياهو أصدر بيانًا جاء فيه أن “حماس مستمرة في إصرارها على بند مبدئيٍ في الوثيقة يمنعنا من العودة للقتال بعد المرحلة الأولى من الوثيقة، وهو أمر غير مقبول لإسرائيل”.

حبث “أعرب مسؤولون مطلعون على المفاوضات عن دهشتهم من التأكيد (في بيان المصدر الأمني) على الخلافات”، حسب القناة.

وأوضحت أن هؤلاء “المسؤولين يرون أن مضمون رد حماس، رغم أنه ليس مثاليًا، إلا أنه يسمح بالعودة إلى المفاوضات، وهو شيء يمكن العمل به”.

واعتبر مراقبون في الإعلام العبري أن بيان “المصدر الأمني” يمثل محاولة من نتنياهو “لكسر الطريق” على احتمال استئناف المفاوضات.

القناة نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تسمه: “تلقينا إجابة (من حماس) دون المطالبة بالالتزام بوقف الحرب في المرحلة الأولى. يمكننا إعادة النساء والجرحى والمرضى وكبار السن”.

وتابع: “يمكن العودة إلى القتال، إذا خرقت حماس شروط الاتفاق. ويوجد أساس لصفقة جيدة”.

ووفق هيئة البث (رسمية)، الخميس، فإن البيان الصادر باسم “مصدر أمني كبير في مكتب رئيس الوزراء يبرز الفجوة بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية”.

وزادت بأنه “وفقا لمصادر مطلعة على التفاصيل، يُعتبر رد حماس جيدًا نسبيا ومن الممكن إحراز تقدم في المحادثات بالقاهرة أو الدوحة”.

وقالت مصادر مسؤولة، حسب الهيئة، إن تصريحات وسلوك نتنياهو في الأيام الأخيرة تؤكد على القضايا الخلافية، ما يجعل التقدم صعبًا في المفاوضات.

فيما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم: هذا “أفضل عرض (من حماس) حتى الآن، ويشكل أساسًا للتقدم”.

انتقاد سياسي وتهديد بالتظاهر

فيما قال الوزير الإسرائيلي السابق في حكومة الحرب غادي آيزنكوت إن بلاده “في أقرب نقطة من إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس”، لكنه جدد الإعراب عن شكوكه في أن يقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالاتفاق الحالي.

وقال آيزنكوت، عضو الكنيست عن حزب “الوحدة الوطنية” المعارض، في حديث لموقع “واللا” الإخباري العبري: “نحن في أقرب نقطة من أجل التوصل إلى اتفاق (مع حماس بشأن المحتجزين) منذ 9 أشهر مضت”.

غير أنه استدرك: “لسوء الحظ، أجد صعوبة في رؤية أن نتنياهو سيرتقي إلى مستوى القيادة الاستراتيجية، ويتخذ قرارًا صعبا للغاية بوقف الحرب، ويقبل الصفقة ويخبر (وزير المالية بتسلئيل) سموتريش و(وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير أن هذا هو الشيء الصحيح”.

وفي هذا الشأن، رأى آيزنكوت أن نتنياهو أمامه “معضلة استراتيجية تتمثل في عودة المختطفين (الإسرائيليين في غزة) مقابل بقاء الحكومة”.

ومضى قائلا: “نتنياهو اليوم مقيد باحتياجات شخصية وسياسية تفوق قدرته على إنقاذ دولة إسرائيل. وبات لا يتمتع بهذه القدرات القيادية، ولهذا السبب يجب استبداله”.

وكان معارضون للحكومة الإسرائيلية، أبرزهم عائلات الأسرى في غزة، صعّدوا في الأسابيع الأخيرة من فعالياتهم المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة وإبرام اتفاق لتبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة.

وصباح الخميس، توعّدت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، بتنظيم مظاهرات “مليونية” إذا أفشلت حكومة نتنياهو صفقة تبادل أسرى بدأت تلوح في الأفق مع الفصائل الفلسطينية في القطاع.

ويعارض سموتريتش وبن غفير، التوصل إلى اتفاق يتضمن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الأسرى الإسرائيليين، ويشمل أيضا وقف الحرب الدائرة ضد قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول.

وإلى جانب وقوفهما ضد أي اتفاق يتضمن وقف الحرب، دعيا بن غفير وسموتريتش، إلى “احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات يهودية فيه وتهجير السكان من القطاع طوعًا”.

كما هددا مرارا بإسقاط حكومة نتنياهو، إذا ما قبل الأخير اتفاقا ينهي الحرب على غزة.

وتقدر تل أبيب وجود 120 أسيرًا إسرائيليا في غزة، فيما أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 أسيرًا في غارات عشوائية شنتها إسرائيل، التي تحتجز بسجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني.

واشنطن: ترحيب كبير

من جانبه، قال البيت الأبيض، الخميس، إن الرئيس جو بايدن، رحب بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إرسال وفد للمشاركة في مباحثات بشأن مقترح تبادل الأسرى مع حركة حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأوضح بيان البيت الأبيض، أن الرئيس بايدن أجرى مكالمة هاتفية مع نتنياهو، ناقشا فيها “الجهود الجارية لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن”.

فيما قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تبنت تعديلا كبيرا للغاية في موقفها إزاء اتفاق محتمل مع إسرائيل.

وعبر المسؤول عن الأمل في أن يحرك رد حماس العملية للأمام مضيفا أنه قد يوفر الأساس لإبرام اتفاق يتعلق بالرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.

وقال المسؤول للصحفيين خلال مؤتمر عبر الهاتف “هناك فرصة كبيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن”.

وأضاف أن هناك عملًا كبير يتعين القيام به فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وأن من غير المرجح أن يتم إبرام اتفاق في غضون أيام.

حماس: الكرة في ملعب نتنياهو

من جانبه، قال علي بركة، رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حماس بالخارج، إن الحركة ردت “إيجابيًا” على المبادرة الأخيرة بشأن التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في غزة، وإنها أبلغت الوسطاء أنها مع أي مبادرة تحقق مطالب الشعب الفلسطيني.

جاء ذلك في تصريحات للأناضول تحدث فيها بركة عن المبادرة الأخيرة لوقف إطلاق النار وموقف حركة حماس منها.

وأضاف بركة: “حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية منفتحة على أي مبادرة تحقق مطالب الشعب الفلسطيني، وخصوصًا وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة بالكامل وعودة النازحين إلى ديارهم وكذلك توفير المساعدات والبدء في الترميم والإعمار”.

وعن وضع المفاوضات، قال بركة، إن “الكرة في الملعب الإسرائيلي لأن المجرم نتنياهو يرفض وقف إطلاق النار بشكل دائم، ويؤكد دائمًا أنه يريد أن يواصل عدوانه على الشعب الفلسطيني”.

وأوضح أن “نتنياهو يراوغ ويكذب دائمًا، وهو يريد أن يطيل أمد الحرب لأنها عندما تقف، سيذهب إلى المحاكمة بسبب اتهامه بالفساد، لذلك يماطل ويمد من أمد هذه المعركة ويعتبرها معركة شخصية بالنسبة له”.

وعلى مدار أشهر تحاول جهود وساطة تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس يضمن تبادلًا للأسرى من الجانبين ووقفًا لإطلاق النار، يفضي إلى ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني.

غير أن جهود الوساطة أعيقت على خلفية رفض نتنياهو الاستجابة لمطالب حماس بوقف الحرب.

وسبق أن وافقت الفصائل الفلسطينية في 6 مايو/أيار على مقترح اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى طرحته مصر وقطر، لكن إسرائيل رفضته بزعم أنه “لا يلبي شروطها”.

ومنذ 9 أشهر، تشن إسرائيل حربًا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 125 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.