صحة

تحب شخصًا لدرجة أنك لا تتخيل حياتك من دونه؟ ربما هذا “إدمان الأشخاص” الذي عليك الحذر منه

نسمع عن الكثير من أنواع الإدمان، مثل إدمان المخدرات، أو التدخين، أو حتى إدمان الألعاب الإلكترونية، لكن هل سبق لك وسمعت عن إدمان الأشخاص؟

هذا النوع من الإدمان يمكن أن يكون خطيرًا على الشخص الذي يعاني منه، ويمكن أن يحدث مع أي شخص في الحياة، دون الشعور به أو ملاحظته، خصوصًا في البدايات.

إذ يصبح الشخص المدمن متعلقًا بطريقة مرضية بشخص آخر، ولا يتحمل فراقه، أو الابتعاد عنه، حتى وإن كان مصدر أذى له، وعلاقتهم عبارة عن علاقة سامة.

كيف يمكن تعريف الإدمان على الأشخاص؟

بشكل عام، كلمة الإدمان تعني الإكراه على القيام بشيء يجعلك تعيش حالة معينة، وعادة ما يجعل هذا الشعور دماغك يغمره مجموعة مواد كيميائية سعيدة، مثل الدوبامين أو الأوكسيتوسين.

إذ يعتقد المتخصصون في الإدمان أنه يمكن أن يحدث مع أي شيء، وأن هذه الحالة من الممكن أن تكون غير صحية بالنسبة للفرد.

وفيما يخص الإدمان على الأشخاص، فقد يبدو وكأنه حب في البداية، لكنه يظهر بطرق غير صحية، تحتوي على مشاعر غريبة، تؤدي إلى حالة من التعلق الزائد.

الاختلافات بين علاقة الحب وعلاقة الإدمان

ناك العديد من الخصائص التي تميز علاقة الحب، التي يمكن عيشها ليس فقط مع الحبيب أو الشريك، وإنما كذلك مع الأصدقاء وأفراد العائلة.

ومن بين أهم هذه الخصائص نجد سهولة الحفاظ على الحدود الصحية، وعدم التردد في التحدث عن مشاعرك معهم، والحصول على مساحات فردية وشخصية، دون التداخل في حياة البعض، مع احترام الخصوصية، وعدم التعدي على أفكار الطرف الثاني وقناعاته في الحياة.

كما تكمن علاقة الحب الصحيحة في احترام الذات، وعدم الوقوع في حالة تتبع أفكار الشريك والطريقة التي يريد العيش بها.

أما علاقة إدمان الأشخاص فتختلف كثيرًا، كونها تجعل الشخص المدمن يعيش حالة عدم الراحة، عند غياب الشخص الذي يدمن على التواجد معه، ويشعر بأنه لن يستطيع أن يحب أحدًا غيره.

كما أن المدمن يمكن أن يصل لمرحلة تلبية جميع طلبات الشخص الآخر، مع الشعور بالغيرة والانزعاج عند تعامله مع أشخاص آخرين، أو ربطه علاقات بأشخاص في محيط مختلف عنه.

كما أن المدمن قد يرفض ربط علاقات مع أشخاص آخرين، لتصبح علاقته بمحيطه القريب جد محدودة، وكل وقته محصورًا على التعامل مع الشخص الذي يدمن عليه.

ما أسباب الإدمان على الأشخاص؟

الآن بعد معرفة الفرق بين علاقات الحب والإدمان، سيكون السؤال المطروح الآن هو السبب وراء حدوث الإدمان على شخص آخر.

ومن بين أهم الأسباب هو الانبهار بشخصية معينة، والتفاعل معها بطريقة تجعل الدماغ يغمره مواد كيميائية تشعره بالسعادة، إذ أن هذه الشخصية تجعلك تشعر وكأنك النسخة الأفضل منك، فتحب التقرب منها والتعرف عليها أكثر فأكثر.

كما أن الشخص ذو الشخصية الإدمانية هو الشخص الذي يواجه تحديات فيما يخص الاعتدال، والتي لا تتعلق بالضرورة بالمخدرات والكحول فقط. 

إذ قد يكون الأشخاص المعرضون للإدمان أكثر عرضة لإظهار تقلبات مزاجية، والاندفاع، وسلوكيات البحث عن الإثارة، وتدني احترام الذات.

ونظرًا لأن أعضاء مجال الصحة العقلية انتقدوا فكرة أن بعض الأشخاص لديهم شخصيات إدمانية، فمن المهم تحليل العوامل الفردية التي قد تؤدي إلى السلوك الإدماني حتى لا نجمع كل الأشخاص في فئة واحدة.

على سبيل المثال، قد تزيد الخلفية الجينية لأفراد الأسرة الذين يعانون من الإدمان من خطر الوقوع في حالة الإدمان.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب العوامل البيئية مثل الفقر دورًا مساهمًا في ذلك، وأخيرًا، يمكن أن تزيد حالات الصحة العقلية من مخاطر الإدمان، من بينها إدمان الأشخاص.

هناك كذلك سبب آخر يؤدي إلى إدمان الأشخاص، وهو عدم المعرفة المسبقة بالعلاقات الإنسانية الصحية، الأمر الذي يؤدي إلى حالة من عدم الفهم، أو معرفة الطريقة المناسبة للتعامل مع الطرف الآخر، مع اختلاف نوع العلاقات.

لماذا يمكن أن يكون إدمان الأشخاص ضارًا؟

إدمان الأشخاص له عدة جوانب سلبية، تؤثر بشكل سلبي على الشخص المعني. هذه هي الأسباب التي تجعله غير جيد:

  • قد تبقى مع شخص ما حتى لو أصبح مسيئًا ومضرًا بك.
  • قد تعاني من مشاكل كبرى في العمل أو الدراسة، لأنك تمنحها وقتًا وطاقة أقل مقارنة بما تقدمه للطرف الآخر الذي تدمنه.
  • قد لا يرغب الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات صحية في التواجد حولك بعد الآن.
  • إذا انتهت العلاقة، قد تشعر بعدم القدرة على التأقلم مع الحياة والتفكير في أفكار سوداوية مثل الانتحار.

كيف يمكن التعامل مع حالة الإدمان هذه؟

إن الإدمان على شخص ما هو أمر غير صحي عقليًا، لذلك يجب التعامل معه بطريقة ذكية من خلال بعض الخطوات من أجل عيش حياة عاطفية أفضل.

أول الخطوات التي يمكنك القيام بها هي تثقيف نفسك والحصول على المساعدة حتى تتمكن من التغيير والتحرر من حالة الإدمان، والتعرف عليه عن طريق الأعراض التي تظهر في البداية.

يمكن أن يستمر الإدمان مدى الحياة، لذا إذا كنت تعاني منه كمشكلة حياتية، فمن المهم جدًا أن تعمل على فهم ماهيته وفهم عوامل الخطر الشخصية الخاصة بك.

تقدم برامج التعافي من الإدمان أدبيات كبيرة، عادة في أقسام المدونات على مواقعها الإلكترونية، حول القضايا المتعلقة بالإدمان.

وفي الحالات الصعبة، يمكن طلب المساعدة المتخصصة من طبيب نفسي، أو معالج خاص بالإدمان، من أجل التغلب عليه والعودة للحياة الطبيعية.