خلال السنوات الأخيرة ومع انتشار مقاطع الفيديو المتخصصة في الطهي وتقييم الطعام عبر منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت الرغبة في تناول السكريات واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها الكثيرون، إذ نتعرض يوميا لصور مختلفة وابتكارات متجددة من الحلوى والشوكولاتة والمشروبات الغازية والعصائر المحلاة، حيث يبدو أن السكريات تحاصرنا من كل اتجاه.
وقد تجد نفسك تتساءل: لماذا لا أستطيع مقاومة الرغبة الشديدة في تناول السكريات؟ ومتى يمكنني التحرر من إغراءاتها؟ الإجابة ليست بسيطة، إذ تتداخل العوامل البيولوجية والنفسية والبيئية في هذه الرغبة المتزايدة.
إن فهم العملية الزمنية للتخلص من إدمان السكريات هو الخطوة الأولى نحو تحقيق أهدافك الصحية للتخلص من هذه الرغبة الجامحة، والتمتع بحياة أكثر توازنًا وصحة.
وتوضح الأبحاث العلمية المختلفة العمليةَ التي يمر بها الجسم والعقل للتوقف عن الرغبة في تناول السكريات، ومن المهم الإشارة إلى أن هذه العملية تختلف من شخص لآخر.
الأيام الأولى (3-5 أيام): في هذه المرحلة، يشعر الجسم بأعراض انسحابية بسبب انخفاض مستوى السكر في الدم. ويمكن أن تشمل هذه الأعراض التعب، الصداع، التهيج، تقلبات المزاج.
وفقًا لدراسة نُشرت في "أميركان جورنال أوف كلينيكال نيوتريشن" American Journal of Clinical Nutrition، فإن تقليل تناول السكريات يمكن أن يؤدي إلى تقلبات في مستويات الطاقة والمزاج الأيام الأولى بسبب تأثير السكريات على الدماغ.
الأسبوع الأول: يبدأ الجسم في التكيف مع انخفاض مستوى السكر في الدم. لذا فإن تناول وجبات غنية بالبروتينات والألياف والدهون الصحية يمكن أن يساعد في تثبيت مستويات السكر في الدم وتقليل الرغبة في السكريات.
كما أشارت دراسة أجرتها "جورنال أوف نيوتريشن" Journal of Nutrition إلى أن البروتين والألياف يمكن أن يساعدا في تعزيز الشعور بالشبع ويقللا من الرغبة في تناول السكريات.
(من 2-4) أسابيع: بعد مرور هذه الفترة، يعتاد الجسم على نمط غذائي جديد خالٍ من السكريات المضافة، مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الرغبة بتناول السكريات.
وبحسب دراسة نُشرت في "أوبيزتي ريفيوز" Obesity Reviews، يمكن أن يؤدي الالتزام بنمط غذائي منخفض السكريات لفترة تتراوح بين 2 و4 أسابيع إلى تحسين استجابة الجسم للإنسولين وتقليل الرغبة في تناول السكريات.
(من شهر فأكثر):عند هذه النقطة، تكون الرغبة في تناول السكريات قد تلاشت بشكل كبير، وتكون العادات الغذائية الصحية الجديدة قد ترسخت. ويشير الباحثون إلى أن استبدال السكريات المضافة بالفواكه الطازجة والوجبات المتوازنة يمكن أن يساعد في الحفاظ على هذا التغيير الإيجابي.
وأكدت دراسة نُشرت في مجلة "أبيتايت" Appetite أن الأشخاص، الذين يتبعون نمط حياة صحي خالٍ من السكريات المضافة لمدة شهر أو أكثر، قد يشعرون بزيادة في الطاقة وتحسن في الحالة المزاجية العامة.
إستراتيجيات للتحكم بالشهية لتناول الحلويات
للتحكم في رغبتك تجاه السكريات والحلوى، يجب أن يتم تعويض الجسم بأطعمة صحية تعزز الشعور بالشبع المستمر، وقد يتحقق ذلك بمجموعة من الخطوات.
تناول وجبات متوازنة: تشمل البروتينات، الدهون الصحية، الألياف، مما يساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول.
شرب الماء بانتظام: يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بالجوع الزائف.
النوم الجيد: الحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يقلل من الرغبة في تناول السكريات، خاصة الساعات المتأخرة من اليوم، حيث يؤثر النوم على هرمونات الجوع.
النشاط البدني: ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في تحسين المزاج وتقليل الرغبة في السكريات.
هل بدائل السكر تزيد من الرغبة في تناول الحلويات؟
تثير بدائل السكر والمشروبات الغازية المحلاة بالأسبرتام وسكر الستيفيا اهتمام الكثيرين، خصوصاً فيما يتعلق بتأثيرها على الرغبة في تناول السكريات.
وتشير الأبحاث إلى أن تأثير بدائل السكر يمكن أن يكون معقداً ومتفاوتاً، فبعض الدراسات تؤكد أن بدائل السكر، مثل الأسبارتام والسكرالوز والستيفيا، قد لا تؤدي إلى زيادة الشهية أو الرغبة في تناول السكريات لدى معظم الناس.
فقد كشفت دراسة حديثة أن بدائل السكر يمكن أن تكون فعالة في التحكم بالوزن إذا استخدمت كجزء من نظام غذائي متوازن، ولكن تأثيرها يمكن أن يختلف من شخص إلى آخر.
التأثيرات النفسية والبيولوجية: تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول بدائل السكر قد يحافظ على الرغبة في تناول السكريات بسبب التأثير النفسي والبيولوجي.
فقد أوضحت دراسة لمجلة جمعية الحمية الأميركية Journal of the American Dietetic Association أن استهلاك بدائل السكر يمكن أن يعزز استمرار الرغبة في تناول الأطعمة ذات المذاق الحلو، سواء كانت معززة بالسكر المكرر أو بدائل السكر الصحية، مما قد يجعل البعض أكثر عرضة لتناول السكريات بشكل مفرط لاحقاً.
تأثيرها على ميكروبيوم الأمعاء: تشير الأبحاث الحديثة إلى أن بعض بدائل السكر يمكن أن تؤثر على توازن الميكروبيوم في الأمعاء، مما قد يؤثر على عملية التمثيل الغذائي والشهية.
وفي دراسة، نشرتها مجلة "نيتشر" Nature، بينت أن بدائل السكر مثل السكرالوز قد تؤدي إلى تغييرات في تركيبة بكتيريا الأمعاء، مما قد يؤثر على تنظيم الجلوكوز والشهية.
تأثيرها على التحكم في الوزن: بالنسبة لإدارة الوزن، هناك أدلة متضاربة حول ما إذا كانت بدائل السكر تساعد في فقدان الوزن أو تمنعه.
ووفقًا لدراسة في "أوبيزتي ريفيوز" Obesity Reviews، يمكن أن تساعد بدائل السكر في تقليل السعرات الحرارية المستهلكة، ولكن الفعالية تعتمد على كيفية استخدامها ضمن نظام غذائي شامل.
لذلك، يجب تناول بدائل السكر باعتدال وعدم الاعتماد الكلي عليها كبديل للسكريات الطبيعية، واختيار البدائل الصحية مثل ستيفيا وإريثريتول التي تعتبر طبيعية وأقل تأثيراً على نسبة السكر في الدم.
ومن المهم مراقبة كيفية استجابة الجسم والنفسية عند تناول بدائل السكر، وتعديل الاستهلاك بناءً على ذلك.