تشهد بريطانيا انتخابات حاسمة لرئاسة الوزراء، حيث يتنافس المرشحون الرئيسيون أبرزهم كير ستارمر زعيم حزب العمال، على قيادة البلاد في فترة مليئة بالتحديات الاقتصادية والسياسية. وتتركز الحملات الانتخابية على قضايا مهمة مثل الاقتصاد، والرعاية الصحية، والعلاقات الدولية، وسط ترقب شعبي كبير لمعرفة من سيقود الحكومة في المرحلة المقبلة. وأوضحت نتائج آخر استطلاع أجرته مؤسسة يوجوف خلال شهر يونيو الجاري حصول حزب العمال على 37%، والمحافظين على 18%، والإصلاحي على 19%.
ويعتبر زعيم حزب العمال كير ستارمر هو المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات التي ستجرى في المملكة المتحدة في الرابع من يوليو/تموز 2024 بعد 14 عاماً من حكم المحافظين المضطرب، فمن هو كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا المحتمل؟
من هو كير ستارمر “المحامي” الأوفر حظاً لرئاسة وزراء بريطانيا؟
- وُلد كير ستارمر في لندن عام 1962 لأبٍ كان عاملاً في أحد المصانع٬ وأم ممرضة، ودائماً يستخدم ستارمر البالغ من العمر 61 عاماً، بداياته المتواضعة كوسيلة للتواصل مع الناخبين، مؤكداً أن معاناة والدته مع مرض خطير منحته تقديراً عميقاً لخدمة الصحة الوطنية (NHS).
- كان ستارمر أول فرد في عائلته يذهب إلى الجامعة، حيث درس القانون في جامعة ليدز وأكمل دراساته العليا في جامعة أكسفورد، وبدأ مسيرته كمحامي دفاع في عام 1987، متولياً قضايا بارزة ضد شركات كبرى مثل شل وماكدونالدز ومعارضة إغلاق مناجم رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر.
- عمل ستارمر مستشاراً لحقوق الإنسان خلال اتفاقية الجمعة العظيمة تحت قيادة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير في أيرلندا الشمالية في عام 2008، وبعد عام من زواجه أصبح مدير النيابة العامة في المملكة المتحدة.
- نال ستارمر وسام الفروسية في عام 2014 لخدماته في مجال العدالة الجنائية، وانتُخب عضواً في البرلمان في العام التالي، حيث شغل مناصب بارزة مثل وزير الهجرة المعارض ووزير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
- في عام 2020، أصبح زعيم كير ستارمر حزب العمال وأطلق إصلاحات شاملة بعد استقالة جيريمي كوربين، الذي قاد الحزب إلى خسارة في انتخابات 2019.
ما هو برنامج زعيم حزب العمال كير ستارمر الانتخابي؟
- بحسب شبكة cnbc روّج كير ستارمر في حملته الانتخابية لعام 2024، لـ”عقد من التجديد الوطني” بعد سنوات من تخفيض الإنفاق وتدهور مستويات المعيشة تحت حكم المحافظين، حيث تعهد في البيان الانتخابي الأخير، بإنشاء شركة طاقة مملوكة للدولة، وتقليل أوقات الانتظار في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وبناء منازل جديدة، وإعادة تأميم خدمات السكك الحديدية.
- كما قدم ستارمر نفسه كداعم قوي لقطاع الأعمال، مستهدفاً الناخبين اليمينيين التقليديين بخطط “لتكوين الثروة” وإنشاء صندوق الثروة الوطنية، وقال ستارمر: “يجب أن يسير النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية جنباً إلى جنب”.
- في هذا السياق حدد حزب العمال خمس مهام طويلة الأمد: دفع النمو الاقتصادي، الاستثمار في الطاقة الخضراء، إصلاح هيئة الخدمات الصحية الوطنية، إنشاء شوارع أكثر أماناً، وتوفير الفرص عبر أجندة جديدة للمهارات، ويخطط ستارمر لتغيير جذري في الوزارات الحكومية لتحقيق هذه الأهداف.
- تعهد ستارمر، الذي صوت للبقاء في الاتحاد الأوروبي في 2016، بتحسين الصفقة التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع التركيز على التجارة والبحث والأمن، مع التأكيد على عدم العودة إلى الاتحاد الأوروبي.
- تقول شبكة cnbc إن كثيرين ينظرون إلى كير ستارمر كشخصية مؤسسية تفتقر إلى الكاريزما التي يتمتع بها السياسيون الآخرون، حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة يوجوف في وقت سابق من هذا العام أن شعبيته أقل من حزب الإصلاح، وانخفض تصنيفه أكثر بين الناخبين الشباب.
- كما شكك النقاد في قيم ستارمر الأساسية، مشيرين إلى بقائه في فريق جيريمي كوربين رغم قيام ستارمر لاحقاً بتعليق عضوية كوربين من الحزب، واتهمه آخرون بـ”خيانة اليسار” عبر مغازلة كبار رجال الأعمال والتخلي عن تعهدات مثل إلغاء الرسوم الجامعية. بينما يرى أنصار ستارمر أنه يمثل الاستقرار والحياد المطلوبين بعد فترة من التقلبات السياسية الكبيرة.
ماذا عن السياسة الخارجية؟
- تعهّد حزب العمال البريطاني الذي يتزعمه ستارمر، الذي يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي، بالاعتراف بدولة فلسطينية للمساهمة في إحياء عملية السلام، وفق ما نشرته وكالة رويترز مطلع الشهر الجاري. واعتبر الحزب أن “إقامة دولة فلسطينية حق أصيل للشعب الفلسطيني”.
- وذكر الحزب في برنامجه: “نحن ملتزمون بالاعتراف بدولة فلسطينية للمساهمة في إحياء عملية السلام؛ ما سيؤدي إلى التوصل لحل الدولتين بحيث تعيش إسرائيل في أمن وأمان مع دولة فلسطينية يمكن إقامتها وذات سيادة”.
- كان تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية قد أشار إلى أن غزة ستكون أول معضلة لحزب العمال بعد فوزه المحتمل في الانتخابات القادمة. وقالت الغارديان إن إجراء انتخابات مبكرة في بريطانيا، واليقين بأن أزمة غزة لن يتم حلها بحلول يوم الاقتراع، يعني أن ستارمر يعرف بالفعل أول وأهم تحد له في السياسة الخارجية لرئاسته المتوقعة للوزراء.
- بحسب الغارديان، فإن الضغط الداخلي داخل الحزب، وخلفية ستارمر كمحامٍ في مجال حقوق الإنسان، وتصدر القانون الدولي بشكل غير متوقع إلى مركز الصدارة في الصراع بعد ملاحقات “العدل” و”الجنائية” الدوليتين لحكومة نتنياهو، دفعت حزب العمال إلى إبعاد نفسه ببطء عن دعمه الواسع السابق لنهج الحكومة الحالي الداعم لإسرائيل. أما مدى ترجمة ذلك إلى سياسة صارمة داخل وزارة الخارجية فهو أمر محل خلاف.
- وفي حال فوز حزب العمال كما تشير التوقعات، سوف تتدفق الضغوط بطرق عديدة على حكومتهم. فقد أصدر أصدقاء إسرائيل في حزب العمال (LFI) منشوراً الأسبوع الماضي يوافق فيه على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، و”لكن فقط عندما تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية ذات مصداقية”.