توصلت دراسة حديثة إلى أن تناول الفيتامينات المتعددة يومياً لا يساعد الناس على العيش لفترة أطول، بل قد يزيد في الواقع من خطر الوفاة المبكرة.
الفيتامينات هي مركبات عضوية ضرورية للحفاظ على الصحة والعمل السليم للجسم، وتُعتبر الفيتامينات مغذيات لا تُصنع بواسطة الجسم بشكل كافٍ، لذا يجب الحصول عليها من الغذاء أو المكملات الغذائية.
وتقوم المكملات بعدة وظائف حيوية مهمة، منها دعم وظائف الجسم عن طريق تحويل الطعام إلى طاقة (مثل فيتامينات B) وتعزيز نمو وصيانة الأنسجة (مثل فيتامينات A وD)، وتقوية الجهاز المناعي، ما يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والالتهابات، كما تلعب دوراً مهماً في الوقاية من أمراض معينة مثل نقص فيتامين D والعظام، أو نقص فيتامين C ونزلات البرد.
الفيتامينات المتعددة اليومية لا تساعد الناس على عيش أطول
قام الباحثون خلال دراستهم بتحليل السجلات الصحية لما يقرب من 400 ألف شخص بالغ لا يعانون من أمراض كبيرة طويلة الأمد لمعرفة ما إذا كانت الفيتامينات المتعددة اليومية تقلل من خطر الوفاة على مدى العقدين المقبلين.
وبدلاً من العيش لفترة أطول، كان الأشخاص الذين تناولوا الفيتامينات المتعددة يومياً أكثر عرضة للوفاة بشكل هامشي من غير المستخدمين خلال فترة الدراسة، ما دفع الباحثين الحكوميين إلى التعليق بأن “استخدام الفيتامينات المتعددة لتحسين طول العمر غير مدعوم”.
وعلى الرغم من شعبية المكملات المتعددة، فقد شكك الباحثون في فوائدها الصحية، بل حذروا من أن المكملات الغذائية يمكن أن تكون ضارة.
في حين أن مصادر الغذاء الطبيعية للبيتا كاروتين تحمي من السرطان، على سبيل المثال، فإن مكملات البيتا كاروتين يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب، ما يشير إلى أن المكملات الغذائية تفتقد المكونات المهمة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي الحديد، الذي يضاف إلى العديد من المكملات المتعددة، إلى زيادة الحديد وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والخرف.
علاقة تناولها بخطر الوفاة
وفي أحدث الأبحاث، قامت الدكتورة إريكا لوفتفيلد وزملاؤها في المعهد الوطني للسرطان في ماريلاند بتحليل بيانات من ثلاث دراسات صحية أمريكية رئيسية، تم إطلاقها جميعاً في التسعينيات وجمعت تفاصيل عن الاستخدام اليومي للفيتامينات المتعددة للمشاركين، غطت السجلات 390124 من البالغين الأصحاء عموماً والذين تمت متابعتهم لأكثر من 20 عاماً.
ولم يجد الباحثون أي دليل على أن المكملات المتعددة اليومية تقلل من خطر الوفاة، وأفادوا بدلاً من ذلك عن ارتفاع خطر الوفاة بنسبة 4% بين المستخدمين في السنوات الأولى من المتابعة.
قد يعكس الخطر الأكبر للوفاة الأضرار التي يمكن أن تسببها المكملات المتعددة أو اتجاه الأشخاص لبدء تناول الفيتامينات المتعددة يومياً عندما يصابون بمرض خطير.
وقال الدكتور نيل بارنارد، الأستاذ المساعد في الطب بجامعة جورج واشنطن، إن الفيتامينات كانت مفيدة في حالات محددة. تاريخياً، تم إنقاذ البحارة من مرض الإسقربوط بواسطة فيتامين C، في حين يبدو أن البيتا كاروتين والمكملات C وE والزنك تعمل على إبطاء الضمور البقعي المرتبط بالعمر، وهي حالة يمكن أن تؤدي إلى فقدان شديد للبصر.
قد تكون مفيدة دون تقليل خطر الوفاة
من الصحيح أن المكملات قد تكون مفيدة في بعض الحالات، ولكنها لا تؤدي بالضرورة إلى تقليل خطر الوفاة المبكرة. فوفقاً لدراسة أولية أجريت في عام 2022، هناك دلائل تشير إلى أن الفيتامينات المتعددة قد تسهم في إبطاء التدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة. ومع ذلك، يحتاج هذا الأمر إلى مزيد من البحث لتأكيده.
ومع ذلك، يقول بارنارد: “إن المكملات المتعددة غالباً ما تُعطي وعوداً مبالغاً فيها، لكنها في الواقع لا تحقق النتائج المرجوة”. ويضيف: “النقطة الأساسية هنا هي أن الفيتامينات المتعددة ليست بالضرورة فعالة، فالدلائل الداعمة لها غير موجودة بشكل كافٍ”، وبدلاً من الاعتماد على الفيتامينات المتعددة، يُفضل تناول الأطعمة الصحية التي توفر مجموعة واسعة من المغذيات الدقيقة والكبرى، بالإضافة إلى الألياف، مع ضرورة الحد من الدهون المشبعة والكوليسترول.
وقال دوان ميلور، وهو اختصاصي تغذية في كلية أستون الطبية: “ليس من المستغرب أن نجد أن هذه المكملات لا تقلل بشكل كبير من خطر الوفاة”. وأضاف: “إن مكملات الفيتامينات والمعادن ليست حلاً لمعالجة النظام الغذائي غير الصحي بمفردها، لكنها يمكن أن تساعد في تغطية العناصر الغذائية الأساسية إذا كان الشخص يعاني من صعوبة في الحصول عليها من الغذاء. مثال على ذلك هو فيتامين د، حيث يُنصح البالغون في المملكة المتحدة بتناوله كمكمل غذائي خلال فصل الشتاء. كذلك، النباتيون قد يستفيدون من مكملات فيتامين ب 12”.
متى نحتاج إليها ومتى يمكن تناولها؟
بدونها، لن تكون أجسامنا قادرة على أداء المهام الحيوية مثل تحويل الطعام إلى طاقة، وبناء وصيانة العظام والأسنان والعضلات والجلد والدم والشعر، بالإضافة إلى الحفاظ على عمل الدماغ والعينين والجهاز العصبي والمناعي بشكل جيد.
بعض الفيتامينات تعمل أيضاً مع العناصر الغذائية الأخرى، مثل فيتامين C الذي يساعد في امتصاص الحديد من الأطعمة النباتية، وفيتامين D الذي يساعد في امتصاص الكالسيوم. وتتمتع فيتامينات A وC وE بتأثيرات مضادة للأكسدة، ما يساعد في حماية خلايانا من التلف الناتج عن الجذور الحرة.
وتنقسم أنواع الفيتامينات المختلفة إلى مجموعتين: القابلة للذوبان في الماء والقابلة للذوبان في الدهون. يمكن تخزين فيتامينات A وD وE وK القابلة للذوبان في الدهون في الكبد والأنسجة الدهنية، ما يعني عدم الحاجة لتناولها يومياً، لكن يجب أخذ الحيطة لتجنب تراكمها الضار.
بينما لا يمكن تخزين فيتامين C والفيتامينات B القابلة للذوبان في الماء مثل الثيامين والريبوفلافين والنياسين وحمض البانتوثنيك والبيوتين والفولات وB12، ولذلك يُخرج الجسم أي فائض منها عبر البول.
ووفقاً لموقع medical news today فإن تناول بعض الفيتامينات في وقت معين قد يساعد في تجنب الآثار السلبية المحتملة. تختلف كيفية عمل الفيتامينات، وبالتالي، فإن بعضها يتطلب اعتبارات خاصة بشأن كيفية تناولها وما إذا كان يجب تناولها مع الطعام أم لا.
رغم أن بعض الدراسات تقدم توصيات لتجنب الآثار الجانبية، إلا أن العلم لا يقدم دليلاً قاطعاً يدعم تناول الفيتامينات في أوقات محددة. من المهم الحفاظ على تناول مكملات الفيتامينات اليومية بانتظام، خاصةً إذا كان الهدف منها معالجة نقص معين.
بشكل عام، يُفضل الحصول على التغذية اللازمة من نظام غذائي متوازن بدلاً من الاعتماد على المكملات الغذائية. ومع ذلك، عند الحاجة إلى المكملات، ينبغي أن يكون من السهل دمجها في الجدول اليومي، إذ يمكن تناولها في أوقات مرنة إلى حد كبير.