الأخبار

من ألعاب الأطفال والحفاضات للتوابل.. إسرائيل منعت أبسط مقومات الحياة عن غزة وإليك سر حظرها للتمور

“الكزبرة بات مسموحاً دخولها”، هكذا سخرت منظمة حقوقية إسرائيلية قبل سنوات من الحصار على غزة الذي قد يكون من الأسوأ، في التاريخ فـ”قائمة الممنوعات على غزة” التي فرضتها إسرائيل منذ سنوات، تضم أبسط مقومات الحياة وتكشف عن تعمد لإذلال الشعب الفلسطيني، والآن وصل الحصار لمستوى مخيف بعد عملية طوفان الأقصى.

وتفرض إسرائيل منذ فترة طويلة حصاراً شاملاً على غزة، ولا تسمح في بعض الأحيان إلا بدخول المنتجات التي تعتبر “حيوية لبقاء السكان المدنيين”، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة the Guardian البريطانية.

وقامت منظمة جيشا، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية مكرسة لحرية حركة الفلسطينيين، بتجميع قوائم بالمواد المحظورة التي تبدأ من الصحف إلى الدفاتر وصولاً إلى التوابل والحلويات.

ولقد حددت المنظمة الإسرائيلية قائمة السلع المحظورة على غزة عبر محادثات مع رجال الأعمال الفلسطينيين والمنظمات الدولية التي تستورد البضائع إلى القطاع.

هكذا بدأ الحصار.. والمعكرونة والأدوات الموسيقية من ضمن قائمة المحظورات على غزة

وعرضت الصحيفة البريطانية في رسم أدرج في التقرير قائمة الممنوعات على غزة وما تم السماح بدخوله، بين عامي 2007 و2010، بناءً على النتائج التي توصلت إليها منظمة “جيشا” وتشمل قائمة الممنوعات على غزة، المعكرونة، وأحبال الصيد، والأدوات الموسيقية وقطع غيار الجرارات الزراعية (التراكتورات).

وبدأت إسرائيل في فرض قيود مشددة على حركة البضائع والأشخاص بين غزة والضفة الغربية منذ أوائل التسعينيات على الأقل.

وفي عام 2006، بعد فوز حماس بـ74 مقعداً من أصل 132 مقعداً في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، قامت إسرائيل بتصعيد حصارها الذي فرضته في العام السابق، على أمل جعل الحياة صعبة للغاية بالنسبة للفلسطينيين في غزة إلى الحد الذي يجعلهم ينقلبون على حماس بدافع اليأس.

الهدف تجويع الغزاويين دون تركهم يموتون

ووصف دوف فايسغلاس، مستشار إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، الاستراتيجية بهذه الطريقة: “الفكرة هي وضع الفلسطينيين في نظام حمية غذائية، ولكن ليس جعلهم يموتون من الجوع”.

لم ينجح الأمر. وبحلول صيف عام 2007، كانت حماس قد قاتلت خصمها فتح في شوارع غزة وانتصرت. وسيطرت الحركة على قطاع غزة، وردت إسرائيل بجعل حصارها دائماً، ما يحد بشدة من وصول غزة إلى العالم الخارجي. وقد تم إضفاء الطابع الرسمي على الحصار إلى درجة أن الجيش الإسرائيلي كلف بإجراء دراسة داخلية خاصة به لتحديد الحد الأدنى لعدد السعرات الحرارية التي يحتاجها الفلسطينيون لتجنب سوء التغذية.

عملية القرصنة ضد السفينة “مافي مرمرة” دفعت إسرائيل لتخفيف الحصار

وكانت الاحتجاجات الدولية ضد الحصار تتزايد، وفي أواخر مايو/أيار 2010، أبحرت مجموعة من السفن -أسطول الحرية لغزة- لكسر الحصار.

وقد نجحت البعثات الصغيرة السابقة في جلب بعض الإغاثة إلى غزة (كما نجح نظام الأنفاق الموسع تحت الأرض في غزة في توفير بعض الأشياء).

ولكن هذه المرة كان على متن سفن أسطول الحرية 10 آلاف طن من المساعدات. وهاجمت قوات كوماندوز إسرائيلية سفينة مافي مرمرة التركية، وهي أكبر سفينة في المجموعة، في المياه الدولية، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص.

وبحلول يونيو/حزيران 2010، ربما بسبب الغضب الناتج عن الهجوم على سفينة مافي مرمرة، بدأت إسرائيل في تخفيف حصارها، وسمحت أخيراً بعودة بعض السلع الاستهلاكية إلى غزة. وكتبت المنظمة في بيان لها: “يسر جمعية جيشا أن تعلم أن الكزبرة لم تعد تمثل تهديداً لأمن إسرائيل”.

قائمة متعسفة للمواد ذات الاستخدام المزدوج

أنشأت إسرائيل قائمة بالمواد “ذات الاستخدام المزدوج”، المحظورة، لأنها يمكن إعادة استخدامها لأغراض عسكرية، في عام 2008، لكنها لم تعلن عن هذه القائمة إلا في عام 2010. 

ووجد تقرير منظمة أوكسفام الإنسانية لعام 2022 أن القيود التي تفرضها إسرائيل على المواد “ذات الاستخدام المزدوج” -بما في ذلك على سبيل المثال مضخات المياه والصرف الصحي- تتجاوز بكثير المعايير الدولية. وخلصت منظمة أوكسفام إلى أن “عملية إدراج المواد على أنها ذات استخدام مزدوج تبدو تعسفية وغير شفافة”.

حظرت دخول فساتين الزفاف وإسفنج التنظيف وبعد 7 أكتوبر وصل الأمر للتمور

وسوف يخفف الحصار ويشدد على مر السنين. 

في عام 2018، مُنعت مرة أخرى دخول أكثر من 1000 سلعة أساسية إلى غزة -بما في ذلك فساتين الزفاف وإسفنجات التنظيف وزجاجات الأطفال والحفاضات- بالإضافة إلى توصيلات الوقود والغاز بعد أن أغلقت إسرائيل جزئياً معبر غزة الحدودي التجاري رداً على قيام بعض سكان غزة بإشعال الحرائق على حدود إسرائيل باستخدام الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة في إطار احتجاجات ضد الحصار.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح الحصار أكثر قسوة، فالقيود المفروضة على الغذاء والإمدادات الأساسية تهدد الآن حياة السكان المدنيين في غزة.

في مارس/آذار 2024، نشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية تقريراً عن المواد التي ظلت إسرائيل تحرمها في أغلب الأحيان من سكان غزة، عادة بحجة أنها مواد “ذات استخدام مزدوج”. تسرد CNN بعضاً من أكثرها شيوعاً: أجهزة التهوية، وأسطوانات الأكسجين، وأدوية التخدير، وأنظمة تنقية المياه، وأجهزة الأشعة السينية والعكازات.

وتشمل المواد الأخرى التي منعتها إسرائيل “التمر، وأكياس النوم، وأدوية لعلاج السرطان، وأقراص تنقية المياه، ومستلزمات الأمومة”، بحسب التقرير. يمكن أن يكون التمر بمثابة شريان حياة لسكان يتضورون جوعاً، لكن تم منعه من دخول غزة، لأن بذور التمر، كما قالت مصادر، تبدو مشبوهة في صور الفحص بالأشعة السينية.

وقال مسؤول إنساني لشبكة CNN إن أكياس النوم رُفضت “لأنها كانت ذات لون أخضر”، “واللون الأخضر يعني غرضاً عسكرياً، ووفقاً لـ”قائمة الممنوعات على غزة” لعام 2008، فإن اللون الأخضر ذو استخدام مزدوج لأنه يمكن استخدامه للعسكريين”. 

إن ما بدأ كسياسة متعمدة تهدف إلى شل اقتصاد غزة، أصبح الآن يستخدم لإخضاع سكانها المدنيين وتجويعهم.