لم يقتصر الدمار الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني فقط في حرب غزة الحالية، بل طال الجانب المدني الإسرائيلي الذي يدعي جيش الاحتلال محاولة حمايته، وربما كان هذا الضرر واضحًا في قطاع الشركات التقنية التي تسبب في خسارتها ملايين الدولارات إما بسبب الضرر الواقع على المباني التابعة لها أو بسبب التخبط وعدم الاستقرار الأمني الذي انعكس بشكل كبير على عملياتها، ومن أبرز الشركات التي لمست هذا الضرر شركة "فايرفلاي" (FireFly).
تتخذ "فايرفلاي" موقعا رائدا في قطاع إدارة الموارد السحابية، إذ تعد من أولى الشركات العاملة في هذا القطاع والتي تمكنت من دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها بشكل كبير، وهي شركة إسرائيلية شارك مؤسسوها في الحرب الحالية على غزة ضمن قوات الاحتياط التابعة لجيش الاحتلال، وبسبب هذه المشاركة تعطلت جهود الشركة في النمو والحصول على استثمارات بالملايين عقب وفاة أحد المؤسسين.
فيم تعمل "فايرفلاي"؟
تصف الشركة نفسها بأنها "منصة إدارة الخدمات السحابية المتعددة" موضحة عبر رسم بياني بسيط دورها في المزج بين جميع الخدمات السحابية التي تحتاجها الشركة التقنية في واجهة واحدة معززة بالذكاء الاصطناعي، وعند الغوص قليلا في دور الشركة والوظائف التي تقدمها، يتضح أنها تقدم أداة إدارة للخدمات السحابية من أجل مساعدة مديري المشاريع ومهندسي إدارة المنصات في متابعة كافة المنصات السحابية التي تستخدمها الشركة والتحكم بها من خلال لوحة واحدة مما يسهل وضع أسس برمجية والتعامل مع التحديات المختلفة بشكل أسرع من السابق. ومؤخرًا تمكنت الشركة من دمج الذكاء الاصطناعي في منصتها لتقدم نصائح ومعلومات مهمة للمستخدمين.
ما تزال "فايرفلاي" وليدة الأمس، إذ تأسست الشركة في عام 2021 ومرت بالعديد من التحديات التي منعتها من النمو حتى أطلقت منصتها الأحدث في عام 2023 لتبدأ رحلتها الحقيقية، ورغم حداثة عهد الشركة، فإنها استطاعت جذب عدة عملاء بارزين مثل "زووم إنفو" (Zoom info) و"سيسكو" (Cisco) و"سيميلار ويب" (SimilarWeb) فضلًا عن عدة عملاء آخرين من شركات فورتشن 500.
تأثر مباشر بالحرب على غزة
تأسست "فايرفلاي" على يد عيدو نيمان الذي شغل منصب المدير التنفيذي وعيران بيبي الذي أصبح رئيس قسم المشتريات وأخيرًا سيفي جينيس الذي شغل منصب مدير التقنية التنفيذي.
وخلال السنوات الثلاثة الماضية، ازداد عدد العاملين في الشركة ليصل إلى 50 موظفًا موزعين بين الولايات المتحدة الأميركية في مكتبها بكاليفورنيا ومكتب آخر في إسرائيل مع كون النسبة الأكبر في مكتب الأراضي المحتلة فضلًا عن الخوادم والفرق الأساسية للشركة، إذ يشغل مكتب كاليفورنيا دورًا متعلقًا بالاستحواذ على العملاء وخدمتهم بعيدًا عن الخدمات الأساسية للشركة.
شغل سيفي جينيس منصبا حساسا ضمن مجلس إدارة الشركة، إذ كان مسؤولا عن تطوير التقنيات والبرمجيات المستخدمة في الخدمات المختلفة داخل الشركة، التي تمثل جوهر أعمال الشركة وبوابتها للحصول على التمويلات والاستثمارات، وأما بيبي فقد كان العقل المدبر للشركة والمسؤول عن وضع خططها المستقبلية ومقابلة المستثمرين وتقديم العروض التوضيحية لنموذج الأعمال الخاص بالشركة.
لذا عندما قتل جينيس في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ثم التحق بيبي بجيش الاحتلال، تعطلت كافة خطط الشركة للنمو وأصبح من الصعب إدارة الخدمات التي تقدمها الشركة بشكل أساسي فضلا عن الوصول إلى المستثمرين وإقناعهم بجدوى الشركة.
استثمار ضخم من "سوفت بنك"
في العصر الحالي، لا يمكن للشركات التقنية أن تنمو دون الحصول على تمويل ودعم من المستثمرين، و"فايرفلاي" ليست استثناء، إذ كان من المخطط للشركة أن تحصل على تمويل ضخم منذ أشهر عدة، ولكن التحاق بيبي بالجيش وقتل جينيس تسبب في تعطيل خطط الشركة.
بحسب بيان الشركة المنشور في موقع "تيك كرانش" (Tech Crunch)، فإن هذه الأحداث المتتالية كادت أن تقضي على الشركة تمامًا، إذ كان من المقترح إيقاف جميع أعمال الشركة لعدة شهور حتى تستقر الأمور قليلا.
في النهاية، استطاعت "فايرفلاي" تأمين التمويل اللازم لها، ولكن يظل مستقبلها مجهولا مع عدم وجود مدير تقني مؤسس يدرك أهمية الخدمات التي تقدمها وكيف يمكن لها النمو مستقبلًا، ناهيك عن غياب الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي قد يقضي على مكاتب الشركة تمامًا أو يتسبب في تجنيد كافة العاملين بها، لذا، يظل مستقبل "فايرفلاي" مثل عدد من الشركات الإسرائيلية مهددًا بفضل جهود جيش الاحتلال الذي يحاول حمايتها.