إن طول العمر وجودة الحياة يمكن أن تتأثر بشكل كبير بالعادات اليومية واختيارات نمط الحياة. يشير البحث إلى أن اعتماد عادات صحية مثل التغذية المتوازنة، ممارسة الرياضة بانتظام، الحفاظ على وزن صحي، وتجنب التدخين يمكن أن يزيد من العمر المتوقع للفرد بما يزيد عن عقد من الزمان.
كما تظهر الدراسات أن الأفراد الذين يتبعون هذه العادات الصحية يقل لديهم خطر الوفاة من أمراض القلب بنسبة 82% ومن السرطان بنسبة 65% مقارنة بأولئك الذين لا يتبعون هذه العادات.
من جهة أخرى، توجد عوامل أخرى يمكن التحكم فيها لتحسين جودة الحياة وزيادة العمر المتوقع، مثل إدارة الضغوط النفسية والحفاظ على علاقات اجتماعية فعالة. الأبحاث تؤكد أن تقوية الروابط الاجتماعية وإدارة الضغوط بطرق صحية يمكن أن تسهم في زيادة العمر الافتراضي.
من الضروري أيضاً التركيز على نوعية الطعام والعادات الغذائية. الأنظمة الغذائية التي تشمل الكثير من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة قد تخفض من فرص الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، وبالتالي تزيد من العمر المتوقع.
بالإضافة إلى كل ما سبق حسب العديد من الدراسات إليك بعض العادات اليومية التي قد تتسبب في التقليل من خطر الإصابة بسكتات القلب وقصر العمر من بينها:
النوم غير المنتظم وعلاقته بالعمر
إذا كنت تعاني من قلة النوم، أي أقل من خمس ساعات في الليلة، فإن ذلك قد يرفع خطر الوفاة المبكرة. الدراسات تظهر أن هناك علاقة قوية بين قصر مدة النوم وزيادة مخاطر الوفاة والأمراض المزمنة، خصوصاً الأمراض القلبية والأيضية.
على الجانب الآخر النوم لمدة تزيد عن تسع ساعات يرتبط أيضاً بزيادة المخاطر الصحية ومنها أمراض القلب والنوع الثاني من السكري، حيث تشير الأبحاث إلى وجود علاقة U-الشكل بين مدة النوم والمخاطر الصحية، مما يعني أن النوم الطويل أو القصير جداً مقارنة بالمعدل الطبيعي (6-8 ساعات) يمكن أن يكون ضاراً بالصحة.
تؤكد الأبحاث أن ممارسة النشاط البدني قد تخفف من الآثار السلبية لقلة النوم أو النوم الزائد على العمر المتوقع، حيث وجدت دراسة شملت أكثر من 90,000 بالغ أن النشاط البدني يمكن أن يقلل من مخاطر الوفاة المرتبطة بمدة النوم غير الصحية.
لذا، يُنصح بالحفاظ على نمط نوم متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام لتعزيز الصحة العامة وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بمدة النوم غير المنتظمة.
الجلوس لمدة طويلة
لقد أظهرت الدراسات بالفعل أن الخمول يمكن أن يؤثر سلباً على طول العمر، حيث يزيد الجلوس لفترات طويلة من خطر الوفاة المبكرة والإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان. بالفعل، الأشخاص الذين يقضون معظم يومهم جالسين، خاصةً أولئك الذين يعملون في مكاتب، معرضون بشكل كبير لهذه المخاطر.
وفقاً للأبحاث، تقليل الوقت الذي يقضيه الفرد جالساً يومياً إلى أقل من ثلاث ساعات قد يساهم في زيادة متوسط العمر المتوقع بما يصل إلى عامين. كما أن تقليل مدة مشاهدة التلفاز إلى أقل من ساعتين يومياً قد يضيف حوالي 1.4 سنة إلى العمر المتوقع.
من المفيد دمج النشاط البدني خلال فترات الاستراحة في العمل أو استخدام الدرج بدلاً من المصعد، والوقوف أثناء العمل بدلاً من الجلوس المستمر. يمكن أيضاً تحقيق فوائد صحية عبر أنشطة بسيطة مثل المشي بعد العشاء أو حتى التمدد خلال فترات الإعلانات إذا كنت تشاهد التلفزيون.
تشير الأدلة إلى أن تلك التغييرات الصغيرة في الروتين يمكن أن تعزز الصحة بشكل كبير وتساهم في تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالنمط الحياتي الخامل.
اللحوم وعلاقتها بالصحة وطول العمر
تناول اللحوم الحمراء بشكل يومي يمكن أن يزيد بالفعل من خطر الوفاة المبكرة، خاصة إذا كانت هذه اللحوم مصنعة. دراسات عدة أظهرت أن تناول اللحوم الحمراء غير المصنعة يومياً يرتبط بزيادة نسبتها 13% في خطر الوفاة، بينما تناول اللحوم المصنعة يرفع هذا الخطر إلى 20%. هذه الأرقام تشير إلى زيادة خطر الوفاة بأمراض القلب والسرطان، وهما من الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بتناول اللحوم الحمراء والمصنعة.
من ناحية أخرى، يمكن للبدائل الصحية مثل الدواجن والأسماك أن تقلل من هذه المخاطر. استبدال وجبة من اللحوم الحمراء بالدواجن أو الأسماك يمكن أن يخفض خطر الوفاة بنسب متفاوتة، حيث تشير الدراسات إلى أن تناول الدواجن يقلل الخطر بنسبة 14%، بينما الأسماك تقلله بنسبة تتراوح بين 7% إلى 19% حسب نوع السمك وطريقة التحضير.
الجلوس الطويل في المنزل
قضاء وقت طويل داخل المنزل قد يؤدي إلى عدة مخاطر صحية، سواء الجسدية أو النفسية. على سبيل المثال، النقص في التعرض لأشعة الشمس قد يخل بإيقاع الساعة البيولوجية لديك، وغالباً ما يؤدي إلى نقص فيتامين د، الذي يعتبر ضرورياً لصحة العظام ووظائف العضلات، وجهاز المناعة. كما أن النقص في هذا الفيتامين قد يؤدي إلى فقدان كثافة العظام وزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر البقاء لفترات طويلة داخل المنزل على الصحة النفسية. الفترات الممتدة التي تقضيها داخل المنزل بدون تفاعل اجتماعي كافٍ أو نشاط بدني قد تؤدي إلى الشعور بالعزلة وزيادة التوتر، مما قد يفاقم من أعراض الاكتئاب والقلق. كما أن الصحة الجسدية تتأثر أيضاً؛ فالخمول المستمر قد يؤدي إلى زيادة الوزن، ضعف العضلات، وانخفاض اللياقة البدنية العامة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
للتقليل من هذه المخاطر، من المهم الحفاظ على روتين يتضمن نشاطاً بدنياً منتظماً، حتى لو كان داخل المنزل. الأنشطة البسيطة مثل التمدد، تمارين اللياقة البدنية داخل المنزل، أو حتى المهام الروتينية مثل التنظيف يمكن أن تساعد في الحفاظ على نشاطك. إذا أمكن، قضاء بعض الوقت في الخارج بأمان يمكن أن يحسن بشكل كبير مستويات فيتامين د لديك، يحسن مزاجك، ويدعم صحتك العامة بشكل أفضل.
استخدام الهاتف بكثرة
الجلوس المستمر واستخدام الهواتف الذكية لفترات طويلة قد يتسبب في مشاكل صحية قد تؤثر سلباً على طول العمر. الوضعية السيئة أثناء الجلوس، مثل الانحناء للأمام أثناء استخدام الهاتف، قد تؤدي إلى ضعف وظائف الرئة وتسبب مشاكل في التنفس بمرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسات تربط بين الاستخدام المفرط للهواتف الذكية وتدهور الصحة النفسية بين طلاب الجامعات، حيث تشير إلى أن الاستخدام المكثف قد يقلل من جودة النوم ويزيد من مستويات القلق والاكتئاب. هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تقصير متوسط العمر المتوقع، نظراً لتأثيرها السلبي على الصحة العامة.
لذلك، يُنصح بتبني عادات أكثر صحية أثناء استخدام الأجهزة الذكية مثل تحسين وضعية الجلوس، تقليل الوقت المستغرق في استخدام هذه الأجهزة، والحرص على أخذ فترات راحة لتجنب الآثار السلبية المحتملة على الصحة الجسدية والنفسية.
سوء الإدارة المالية
إدارة الأموال بحكمة ليست مجرد قرار مالي سليم، بل يمكن أن تكون أيضاً مفيدة لصحتك. الإنفاق الحذر والتخطيط المالي الجيد يمكن أن يسهم في تقليل التوتر، وهو عامل خطر معروف لأمراض القلب والأوعية الدموية. الأبحاث تشير إلى أن الضغوط المالية يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، خاصةً لدى كبار السن.
بالإضافة إلى ذلك، الأشخاص الذين يمتلكون مدخرات للطوارئ تظهر الدراسات أنهم يعيشون بأمان أكبر ويواجهون ضغوطاً نفسية أقل مقارنة بأولئك الذين يعيشون من راتب إلى راتب. تقليل هذه الضغوط يمكن أن يحسن الصحة العامة ويقلل من خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
لذا، تشجيع الادخار والإنفاق بحكمة يعتبر إستراتيجية فعالة ليس فقط لضمان الاستقرار المالي ولكن أيضاً لدعم الصحة الجسدية والعقلية.
عدم تناول الحار وخطر الوفاة المبكرة
وفقاً لدراسة نشرت، فإن تناول الأطعمة الحارة بانتظام قد يكون مرتبطاً بزيادة العمر المتوقع. الأشخاص الذين يتناولون الطعام الحار يومياً يظهرون انخفاضاً بنسبة 14% في خطر الوفاة مقارنة بأولئك الذين يستهلكونه مرة واحدة في الأسبوع. هذه النتائج قد تكون نتيجة للمكونات النشطة في الأطعمة الحارة، مثل الكابسيسين، الذي يُظهر تأثيرات مفيدة محتملة على صحة القلب وقدرته على مكافحة الالتهابات.
زحمة المرور وقصر العمر
من المؤسف أن الكثير من الأشخاص يواجهون تحديات يومية بسبب الازدحام المروري، وهو ما يؤثر على الصحة بطرق قد لا ندركها دائماً. دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي تشير إلى أن قضاء وقت طويل في الزحام لا يؤدي فقط إلى قضاء وقت أقل في النشاط البدني، ولكن أيضاً إلى تأثيرات سلبية متعددة على الصحة. على سبيل المثال، المكوث لفترات طويلة في المرور يرتبط بانخفاض اللياقة القلبية التنفسية، زيادة الوزن والسمنة، وزيادة المخاطر الأيضية.
الدراسة وجدت أيضاً أن التأثيرات السلبية للمكوث في زحمة المرور قد تكون أكبر على النساء، مما يشير إلى اختلافات جنسية في كيفية تأثير الضغوط المرورية على الصحة. الأشخاص الذين يتنقلون لمسافات طويلة لا يواجهون فقط التوتر المروري بل أيضاً يفقدون الفرص للحفاظ على نمط حياة نشط، مما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية طويلة المدى.
من المهم البحث عن سبل لتقليل الوقت الذي يقضيه المرء في السفر، والاستفادة من أي فرصة ممكنة لتحسين الصحة البدنية والنفسية في بيئة متزايدة الضغوط كالازدحام المروري.
العزل النفسي والتعاسة
الشعور بالتعاسة من وقت لآخر هو جزء طبيعي من الحياة الإنسانية، لكن العيش تحت وطأة الإحباط المستمر يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على الصحة العامة وطول العمر. الاستجابة المستمرة للضغط النفسي، مثل ارتفاع ضغط الدم، زيادة معدل ضربات القلب، وإفراز الكورتيزول (هرمون التوتر)، يمكن أن تؤدي إلى تدهور الصحة بمرور الوقت.
فعلاً، الأبحاث تُظهر أن الكائنات الاجتماعية مثل البشر تحتاج إلى التواصل مع الآخرين للحفاظ على صحة جيدة. دراسة شاملة شملت 148 دراسة وجدت أن الأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية يتمتعون بخطر أقل للوفاة المبكرة بنسبة 50% مقارنة بأولئك الذين يعانون من ضعف في الروابط الاجتماعية. هذه النتائج تؤكد أهمية الدعم الاجتماعي والتواصل البشري في تعزيز الصحة وإطالة العمر.
من الضروري تبني طرق صحية لإدارة التوتر والحفاظ على العلاقات الاجتماعية الداعمة للمساعدة في تعزيز الرفاهية العامة وتحسين جودة الحياة.
عدم تناول وجبة الافطار
وفقاً لتقارير من جمعية القلب الأمريكية، يُظهر الأشخاص الذين يتناولون وجبة الإفطار بانتظام صحة أفضل عبر مجموعة من المؤشرات الحيوية. تشير الدراسات إلى أن تناول وجبة الإفطار يمكن أن يؤدي إلى تحسين مستويات الكوليسترول، صحة القلب والأوعية الدموية، وكذلك ضغط الدم. هذا يعكس الفوائد الصحية المرتبطة بتوزيع متوازن للسعرات الحرارية على مدار اليوم، والتي قد تساعد في تحقيق توازن معدل الأيض والتقليل من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة.