أصبح الإرهاق ظاهرة شائعة في أماكن العمل، حتى إن منظمة الصحة العالمية صنفته مرضًا لم تتم إدارته بنجاح.

خلال جائحة كوفيد -19، انتقل العمل من مكانه التقليدي إلى البيت، وأصبح العمل عن بعد هو النظام السائد. وفي السنوات التي أعقبت الوباء، كافح العديد من الموظفين من أجل الاحتفاظ بالحق في العمل من المنزل، من أجل زيادة المرونة، وتحسين التوازن بين العمل والحياة، وتقليل وقت التنقل.

ومع ذلك، بدأت الأعراض المرتبطة بالإرهاق في الظهور لدى العاملين عن بعد أيضا. فما الأسباب والعلامات والإستراتيجيات للتغلب على الإرهاق الناتج عن العمل عن بعد؟

ما إرهاق العمل؟

تعرّف منظمة الصحة العالمية إرهاق العمل بأنه متلازمة ينظر إليها على أنها ناتجة عن الإجهاد المزمن في مكان العمل ولم تتم إدارتها بنجاح. ومع الضغط المستمر الذي يتعرض له الشخص يحدث استنزاف للطاقة.

وبينما يوفر العمل من المنزل مرونة للموظفين، وتوازنا أفضل بين العمل والحياة، وقدرة على المكث مع العائلة، فإن مستويات التوتر لدى الموظفين وصلت إلى مستوى قياسي، حيث عبر 44%، من العاملين المشاركين في التقرير السنوي عن حالة العمل في عام 2023 لمؤسسة غالوب، عن شعورهم بالتوتر والإرهاق بسبب العمل.

وفي الولايات المتحدة، التي ارتفعت فيها نسبة العمل عن بعد بـ3 أضعاف منذ كورونا، كشف استطلاع للرأي أجرته منصة التوظيف العالمية عبر الإنترنت "مونستر" Monster أن أكثر من ثلثي الموظفين، أو 69% منهم، يعانون من أعراض الإرهاق أثناء العمل من المنزل.

ويمكن تعريف الإرهاق أثناء العمل عن بعد، بأنه حالة مستمرة من التعب المزمن، سواء النفسي أو الجسدي، مصحوبا بانخفاض مستويات الإنتاجية وفعالية العمل نتيجة قضاء فترات طويلة من الوقت في بيئة عمل عن بعد.

ما الأسباب؟

تتداخل مجموعة من العوامل المتنوعة والتي قد تسبب الإرهاق أثناء العمل عن بعد، وفقا لـ"ريموت باس" منها:

1- الحدود غير الواضحة: العمل عن بعد قد يطمس الخط الفاصل بين العمل والحياة الشخصية ويتداخل الاثنان سويا. قد يستمر الشخص الذي يعمل من المنزل في العمل لساعات طويلة بعد ساعات العمل المقررة أو تلقي مكالمات متعلقة بالعمل طوال الوقت، مما يؤدي إلى الإرهاق والتعب.

2- العزلة: يمكن أن يؤدي الافتقار إلى التفاعل الاجتماعي والتواصل إلى الشعور بالوحدة، نتيجة غياب دعم زملاء العمل، مما قد يساهم في الإرهاق.

3- زيادة العبء؛ قد يشعر الأفراد بالضغط لإثبات إنتاجيتهم والعمل بجدية أكبر للحفاظ على وظائفهم أو الترقي في حياتهم المهنية.

4- الافتقار إلى التنظيم؛ قد يؤدي عدم وجود روتين ونظام محدد إلى صعوبة تحديد أولويات المهام وإدارة الوقت بفعالية، مما يؤدي إلى التوتر والإرهاق.

الأعراض

الضغط الذي يتعرض له الشخص الذي يعمل عن بعد يظهر من خلال عدد من الأعراض الجسدية والنفسية والسلوكية، منها:

  • صداع متكرر.
  • عسر الهضم وآلام في المعدة.
  • الشعور بالتعب المزمن أو الإرهاق.
  • الأرق والشعور بنقص الطاقة.
  • الشعور بالغضب والإحباط بشكل متزايد.
  • الشعور بالوحدة وانخفاض مشاعر الرضا.
  • زيادة المشاعر المرتبطة بالقلق، مثل الأرق، أو الحزن، أو مشاعر اليأس وانخفاض الإنتاجية في العمل.
  • العزلة عن الناس بشكل عام.
  • فقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة الأخرى المعتاد عليها.

كيف تتغلب على ضغط العمل عن بعد؟

هناك عدد من الإستراتيجيات التي يمكن أن يقلل اتباعها من الضغط الناجم عن بيئة العمل من المنزل، منها:

1- تحسين مهارات إدارة الوقت

يرتبط سوء إدارة الوقت بزيادة فرص الإرهاق. ويعد فهم إدارة الوقت وتطبيقه بشكل جيد ضروريا لتقليل فرص حدوث الإرهاق أو التخفيف من آثاره السلبية، وخلق التوازن بين العمل والحياة.

ويمكن أن يحدث ذلك من خلال عمل خطة أو جدول عمل لتحديد الأهداف وتنظيم العمل بالساعات والدقائق وتضمين وقت الراحة. كما يمكن الاستعانة بتطبيق تتبع الوقت الذي يساعد في جمع كل البيانات ذات الصلة وتتبع التنفيذ.

2- ممارسة الأنشطة البدنية وتحريك الجسم

يمكن أن يؤدي المشي لمدة 10 دقائق إلى تحسين المزاج بشكل كبير وتقليل مستويات التوتر، مما يزيد من تخفيف الآثار السلبية للإرهاق.

وفي بيئة العمل عن بعد مع عدم وجود وقت محدد للاستراحة، يجب تحديد وقت للراحة خلال فترات منتظمة. ويجب خلالها تحريك الجسم، من خلال المشي أو عمل تدريبات بسيطة.

3- نظام المكافآت

يمكن وضع إستراتيجية تقضي بمنح الشخص نفسه مكافأة عند إنجاز مهمة معينة من مهام العمل. تساعد تلك الإستراتيجية على تحسين الحالة المزاجية وتحفيز النفس والحفاظ على مستويات عالية من الإنتاجية والتركيز. وقد تكون المكافأة بسيطة مثل الحصول على قطعة من الشوكولاتة أو الاستماع إلى أغنية أو مشاهدة مقطع من الفيديو أو غيره.

4- تفعيل التواصل

لا يعني العمل من المنزل مقاطعة الزملاء. يمكن عمل مجموعة للدردشة بين الزملاء للتواصل وتشجيع البعض في إنجاز المهام. أو حتى التواصل خلال أوقات الراحة للحديث عن أي شيء آخر غير العمل. ويمكن تحديد مقابلة أسبوعية مع زملاء العمل خلال العطلة للتعارف أكثر أو تطوير العلاقات وكسر حاجز العزلة بينهم.