أصدر حزب الله اللبناني بياناً السبت 28 سبتمبر/أيلول 2024 ينعى فيه الأمين العام حسن نصر الله بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي صباح السبت نجاح عملية اغتيال نصر الله مساء الجمعة في غارة استهدفت الضاحية الجنوبية ببيروت.
ويُعتبر حسن نصر الله الذي يحظى بشعبية واسعة في لبنان ودول عربية أخرى، الوجه الرئيسي لحزب الله وقد لعب دوراً رئيسياً في تحوّل الجماعة تاريخياً لدخول الساحة السياسية واكتساب نفوذ في هيكل الحكومة اللبنانية.
لُقِّب نصر الله بـ”سيد المقاومة” نظراً لدور حزبه في تحرير جنوب لبنان عام 2000 من الاحتلال الذي استمر لمدة 22 عاماً، ثم في مواجهة إسرائيل في حرب يوليو/تموز 2006، ثم مواقفه الداعمة للمقاومة الفلسطينية بعد عملية “طوفان الأقصى”.
المولد والنشأة
وُلِد حسن نصر الله في 31 أغسطس/آب 1960 في بلدة البازورية بقضاء صور جنوب لبنان، والده عبد الكريم نصر الله، وهو الابن البكر من بين ثلاثة أشقاء وخمس شقيقات.
حياته العائلية بعيدة عن الأضواء، ولا يُعرف عنها الكثير، لكن من المعروف أنه متزوج من السيدة فاطمة ياسين، وله منها خمسة أبناء هم: هادي، زينب، محمد جواد، محمد مهدي، ومحمد علي.
ابنه الأكبر، هادي، قُتل في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان عام 1997، وبقي جثمانه محتجزاً إلى أن استُعيد عام 1998 ضمن 40 جثةً لشهداء لبنانيين وأسرى في عملية تبادل مع إسرائيل.
وحول تعليمه، فقد التحق بـمدرسة “الكفاح” الخاصة في حي الكرنتينا بالضاحية الشرقية لبيروت في المرحلة الابتدائية، وتابع دراسته المتوسطة في مدرسة “الثانوية التربوية” في منطقة سن الفيل. عادت عائلته إلى البازورية عند اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، وفيها واصل تعليمه في المرحلة الثانوية.
كما التحق بالحوزة العلمية في مدينة النجف في العراق عام 1976 وكان عمره 16 عاماً، وبدأ مرحلة الدراسة الدينية، وفيها تعرف على عباس موسوي، الذي أصبح لاحقًا الأمين العام لحزب الله، وأشرف على تعليمه وتكوينه.
في منتصف الثمانينيات، ومع تعمق علاقة نصر الله مع إيران، قرر الانتقال إلى مدينة قم لمواصلة دراسته الدينية. وخلال فترة وجوده في الحوزة العلمية في قم، أصبح نصر الله متمكناً من اللغة الفارسية وأقام علاقات صداقة وثيقة مع العديد من النخب السياسية والعسكرية في إيران.
التجربة السياسية
انضم نصر الله إلى “حركة أمل” خلال دراسته الثانوية، وتدرج بالمناصب حتى أصبح عضواً في المكتب السياسي للحركة عام 1979.
في عام 1982، انسحب من حركة أمل مع عدد من المسؤولين إثر خلافات حول كيفية مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وانضم لـ”حزب الله” الذي تأسس في العام نفسه، وتولى مسؤولية تعبئة المقاومين في منطقة البقاع (شرق).
في عام 1985، انتقل إلى بيروت حيث تولى منصب نائب مسؤول المنطقة، ثم أصبح المسؤول التنفيذي العام المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى.
زعامة حزب الله
تولى نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله في 16 فبراير/شباط 1992، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي في هجوم إسرائيلي.
منذ توليه القيادة، قاد نصر الله الحزب في سلسلة من العمليات النوعية ضد إسرائيل، أبرزها أدّت إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000 بعد احتلال دام 22 عاماً.
في عام 2004، لعب نصر الله دوراً محورياً في أكبر صفقة تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل، شملت إطلاق مئات الأسرى اللبنانيين والعرب.
“سيد المقاومة”
نال نصر الله لقب “سيد المقاومة” محلياً نظراً لدور الحزب في تحرير جنوب لبنان عام 2000، ومواجهته لإسرائيل في حرب “تموز” عام 2006.
خطبه الحماسية وتنفيذ وعوده بشن هجمات ضد إسرائيل رداً على اعتداءاتها المتكررة ضد الفلسطينيين ساعدا في تعزيز شعبيته، خاصة في العالمين العربي والإسلامي.
إلا أن تلك الشعبية شهدت تراجعاً ملحوظاً بعد انحياز حزب الله للنظام السوري ضد المعارضة خلال الثورة السورية في 2011.
“طوفان الأقصى”
عاد اسمه إلى واجهة الأحداث مع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها فصائل فلسطينية، بينها حماس والجهاد الإسلامي، على مستوطنات غلاف غزة في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تلاها حرب إسرائيلية على قطاع غزة تقترب من دخول عامها الأول ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 137 ألف فلسطيني.
فقد أعلن نصر الله عن فتح “جبهة في جنوب لبنان لدعم وإسناد المقاومة الفلسطينية”، وهي الجبهة التي قال في عدد من خطبه إنها لن تهدأ إلا بعد إنهاء الحرب على غزة.
وشهدت الحدود الإسرائيلية اللبنانية مواجهات وتبادلاً للقصف بين الجيش الإسرائيلي من جهة وحزب الله وفصائل فلسطينية من جهة أخرى.
وبعد أسابيع من المواجهات العسكرية، ظهر حسن نصر الله في أول خطاب له في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أكد فيه أن عملية طوفان الأقصى كانت بقرار وتنفيذ فلسطيني.