لايف ستايل

للذهب والبريد والطائرات.. مدارس متخصصة تنافس طموحات الجامعة بمصر

القاهرة– عقب الحصول على شهادة إتمام المرحلة الإعدادية يصبح الطالب المصري مؤهلا للالتحاق بمدارس الثانوي العام كخطوة قبل التعليم الجامعي، بينما تكون مدارس التعليم الفني "التجاري والصناعي والزراعي" البديل حال الإخفاق في الحصول على درجات القبول بالثانوية العامة أو تراجع الطموح حيال الجامعات.

وبين الخيارين، تبرز المدارس المتخصصة بمجالات معينة، والتي أصبحت بفعل عدة متغيرات هدفا للراغبين في نيل مزايا متعلقة بمنهجية التعليم وسوق العمل.

وتزايد الإقبال على هذا النوع من المدارس خلال الأعوام الأخيرة للحد الذي يجعل التنسيق الخاص بعدد كبير منها أعلى من نظيره بالمدارس الثانوية، كما أنها تضع شروطا متنوعة للالتحاق بها.

يبلغ عدد الطلاب في مدارس التعليم الفني نحو 2.3 مليون طالب، في حين يبلغ عدد طلاب مرحلة الثانوي العام نحو 2.1 مليون طالب، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

التكنولوجيا التطبيقية

عام 2018، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عن خطة لإنشاء مدارس مختصة بمجالات محددة تعتمد في مناهجها على التكنولوجيا التطبيقية، وتقوم على الشراكة بين وزارة التعليم وبين القطاع الخاص أو العام.

وقد وصل عدد مدارس التكنولوجيا التطبيقية، خلال العام الجاري، 76 مدرسة موزعة على 22 محافظة يدرس بها قرابة 19 ألف طالب، ومنها:

مدرسة صناعة الطائرات: أحدث المدارس المتخصصة بمصر، تأسست العام الماضي، بالتعاون بين وزارة التعليم وبين كل من الهيئة العربية للتصنيع والشركة الفرنسية (Dassault Aviation).

وهي تقبل فقط الطلاب المقيمين بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، وتؤهل للالتحاق بالكليات التكنولوجية سواء المدنية أو العسكرية.

مدرسة الطاقة الشمسية: ارتبط تأسيسها بإنشاء محطة بنان للطاقة الشمسية بمحافظة أسوان جنوبي البلاد، وتؤهل للالتحاق بكلية الهندسة، وتشترط عدم وجود أي عيب خلقي لدى الطالب وتقديم شهادة صحية تثبت عدم إصابته بالصرع أو أي مرض نفسي.

مدرسة إيجيبت غولد: تختص بتعليم صناعة الحلي والمجوهرات بالشراكة بين وزارة التعليم وشركة إيجيبت غولد. وتقبل الطلاب المقيمين بالقاهرة والجيزة والقليوبية. الأسبوع الدراسي يتوزع بين المواد النظرية لمدة يومين فقط داخل القاعات التعليمية، و4 أيام للتدريب بورش المصانع الكبرى.

مدرسة الإنتاج الحربي: تتبع وزارة الإنتاج الحربي، وتقع داخل شركة حلوان للصناعات الهندسية (مصنع 99 الحربي سابقا) وتضم 12 تخصصا مثل تشغيل المعادن والكيمياء الصناعية ومعدات كهربية وإلكترونيات.

مدرسة الغزل والنسيج: تتعدد أقسامها "الغزل، النسيج، تريكو آلي، الملابس الجاهزة، طباعة وتجهيز المنسوجات، زخرفة وتنسيق وإعلان".

مدرسة "وي" we للاتصالات: تأسست بالشراكة مع وزارة الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات "وي" ولها 7 فروع بالمحافظات، وتضم أقسام "تكنولوجيا الاتصالات، تكنولوجيا الإلكترونيات، تكنولوجيا الكهرباء، تكنولوجيا المعلومات والحاسب".

مدرسة غبور للسيارات: تختص بإصلاح وصيانة السيارات. ويجرى التدريب العملي أثناء فترة الدراسة بمؤسسة غبور للسيارات، ويحصل الطالب على مكافآت مالية أثناء هذا التدريب مع توفير بدل انتقال للطلاب. ويتم تدريس الألمانية ضمن المناهج التعليمية. ولها 4 فروع في القاهرة والجيزة والإسكندرية.

مدرسة مصر للتأمين: تختص بتسويق الخدمات المالية، ولها فرع واحد بمحافظة المنيا جنوبي البلاد، وتؤهل للعمل بشركات التأمين والمدفوعات الإلكترونية، وتشترط الحصول على درجة لا تقل عن 48 في الإنجليزية بالشهادة الإعدادية.

مدارس أقدم

تنافس مدارس التكنولوجيا التطبيقية مدارس أخرى لها باع في استقطاب الطلاب على مدار عقود ومنها:

مدرسة البريد: عام 1961 صدر قرار جمهوري بإنشاء مدارس لتخريج موظفي هيئة البريد. ولها 10 فروع موزعة على 10 محافظات، وتتيح تدريب الطلاب على الإدارة البريدية والتوزيع البريدي، وتؤهل للالتحاق بكلية تجارة البريد.

مدرسة التمريض: الأكثر رواجا بين جميع المدارس المتخصصة، ولها 360 فرعا بالمحافظات، ومدة الدراسة 5 سنوات، وتوفر فرص عمل فورية لطلابها بعد التخرج، وتتيح التدريب بالمستشفيات الحكومية خلال سنوات الدراسة.

مدرسة المياه والصرف الصحي: أنشئت عام 2010، وتضم 3 أقسام "تشغيل وصيانة محطات مياه الشرب والصرف الصحي، ضبط وجودة معامل مياه الشرب والصرف الصحي، تشغيل وصيانة شبكات مياه الشرب والصرف الصحي" ولها 6 أفرع بالمحافظات.

مدرسة الطاقة النووية: أنشئت عام 2017 بالشراكة مع هيئة الطاقة الذرية، وتقع بمدينة الضبعة شمال غربي مصر على مقربة من مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية.

وتقبل الطلاب الذكور فقط، وتفرض نظام إقامة داخلية كاملا للطلاب، وتضم 3 تخصصات "الميكانيكا النووية والكهرباء النووية والإلكترونيات النووية". ويدرس الطلاب الروسية، وتصل سنوات الدراسة إلى 5 سنوات.

مدرسة السكك الحديدية: تابعة للهيئة القومية لسكك حديد مصر، وتأسست عام 1972 ثم توقفت عن العمل عام 2003 لتستأنف الدراسة بها عام 2016، وتعمل بنظام الإقامة الداخلية للطالب وتتكفل بنفقات السكن والمعيشة.

مدرسة البترول والنقل البحري: لها 14 فرعا بالمحافظات، وتتيح للطلاب تدريبا عمليا بشركات البترول بمرتبات شهرية، ويحق للخريج الالتحاق بنقابة التطبيقيين، كما تؤهله للالتحاق بكلية الهندسة.

مزايا متنوعة

يعد توفير فرص العمل أهم مزايا المدارس المتخصصة مقارنة بباقي مدارس ما بعد المرحلة الإعدادية، فغالبا ما يلتحق الخريجون بوظائف بالشركات والمصانع والهيئات التي تم التدريب بها خلال سنوات الدراسة.

ووصلت نسبة التشغيل بين خريجي المدارس التكنولوجية حتى العام الماضي إلى 80%، وفق تصريح لمسؤول بوزارة التعليم.

كما يتاح للطلاب المتميزين فرص الالتحاق بالجامعات، وتتركز فرص طلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالجامعات التكنولوجية التي تتوسع الحكومة في تأسيسها خلال السنوات القليلة الماضية.

وإلى ذلك تقدم هذه المدارس خدماتها التعليمية بشكل مجاني باستثناءات قليلة مثل مدرسة الطاقة النووية حيث تبلغ رسوم الالتحاق بها 3 آلاف جنيه، ومدرسة "وي" تصل الرسوم بها إلى 6 آلاف جنيه "الدولار يساوي 48.70 جنيها".

وتقدم بعض المدارس التدريب العملي للطلاب بمقابل مادي، فضلا عن منح مكافآت شهرية للطلاب مثل مدرسة إيجيبت غولد التي تقدم 700 جنيه لكل طالب بينما ينخفض المبلغ إلى 500 جنيه بمدرسة الغزل والنسيج.

شروط الالتحاق

يختلف تنسيق القبول بالمدارس المتخصصة فيما بينها، غير أن كثيرا منها يشترط حصول الطالب على مجموع درجات بالشهادة الإعدادية أعلى من المحدد للالتحاق بمدارس الثانوي العام.

وفي محافظة البحيرة وصل تنسيق مدارس التمريض، العام الدراسي الحالي، إلى 277 درجة مقابل 220 لمدارس الثانوي العام.

كما تشترط بعض المدارس خضوع الطلاب لاختبارات قبول لتحديد مدى ملائمتهم المعرفية لطبيعة الدراسة.

وتتنوع الاشتراطات تبعا لكل مدرسة، فمثلا لا تقبل مدارس المياه والصرف الصحي أي طالب يعاني من الأمراض المزمنة، كما تشترط مدرسة الطاقة النووية أن يكون الطالب من أبوين مصريين، ولا تقبل مدرسة مصر للتأمين الحاصلين على درجات أقل من 48 بامتحان الإنجليزية بالشهادة الإعدادية، وترفض مدرسة الطاقة الشمسية أي طالب مصاب بالصرع أو أي مرض نفسي.

وهناك بعض المدارس التي لا يقتصر الالتحاق بها على اختبارات تحريرية للقبول، بل يستلزم مقابلة شخصية مثل مدرسة "وي" للاتصالات ومدرسة الإنتاج الحربي.

وتطرح مدرسة التمريض العديد من الاشتراطات مقارنة بباقي المدارس، فعلى الطالب توقيع تعهد بالتفرغ للدراسة وعدم الزواج أثناءها، فضلا عن اجتياز كشف الهيئة الذي يقيس قوة الملاحظة وسرعة رد الفعل واللباقة في الحديث ومهارات التواصل والمظهر العام والتناسق بين الطول والوزن.

كما تمنع مدارس التمريض انتقال الطالب من فرع لآخر طوال فترة الدراسة كون القبول يتم طبقا لاحتياج كل مركز إداري، ويتم التوظيف بالمواقع الطبية المختلفة لسد العجز بها.

تحديات

أثنى الخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، حسني السيد، على إستراتيجية المدارس المتخصصة في التعليم والتي تعتمد بشكل أساسي على التدريب العملي للطلاب.

واعتبر السيد -في حديثه للجزيرة نت- التخصص في مجالات محددة ميزة لتلك المدراس، حيث يركز الطالب على تعلم كل ما يخص مجال واحد فقط وهو ما يجعله على دراية واسعة به.

لكن ثمة تحديات تواجه تلك المدارس خاصة التكنولوجية منها -حسب رأي الخبير التربوي- موضحا أنها بحاجة دائما لمواكبة تطورات العصر بحيث تكون المناهج في حالة تجدد دائم.

وهناك تحدٍ آخر لا يخص المدارس وإنما سوق العمل، مؤكدا أن خريجي تلك المؤسسات التعليمية -بما يتمتعون به من كفاءة- يشكلون تهديدا للعمالة القديمة حيث يتم استبدالهم بالمتخصصين الجدد.