الأخبار

ما حقيقة “التوترات بين إيران وحزب الله”؟.. الحزب طلب بقاء القوات المساندة له بالجولان وعدم دخولها لبنان

علقت مصادر إيرانية على التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن التوترات بين إيران وحزب الله بسبب ما قالته عن طلب الحزب دعم طهران للرد على الاحتلال الإسرائيلي بعد مقتل عدد كبير من كبار قادته، وأن الأخيرة رفضت ذلك.

بهذا الخصوص، قال مصدر إيراني رفيع المستوى من الحرس الثوري الإيراني، وعلى دراية بما يحدث من اتصالات بين الحرس الثوري وحزب الله، لـ”عربي بوست”: “هذا الكلام يحمل جهلاً بأساسيات العلاقة بين طهران وحزب الله، لأنه من المستحيل أن يطلب حزب الله مثل هذا الطلب الساذج من إيران”.

وأوضح أنه “في محور المقاومة، ومنذ حرب غزة بالتحديد، فإن كل طرف في المحور يعرف حدوده، وإمكانياته في المواجهات المباشرة”.

التوترات بين إيران وحزب الله

مصدر استخباراتي إيراني آخر، مقرب من حزب الله اللبناني، قال لـ”عربي بوست” مفضلاً عدم ذكر اسمه: “كيف سيطلب حزب الله من إيران تنفيذ هجوم مباشر على إسرائيل لمساعدته، وهو الأقرب من حيث الجغرافيا، ومن حيث الأسلحة والصواريخ، فحزب الله يمتلك الصواريخ الإيرانية المتقدمة، ولديه صواريخه المحلية أيضاً، وأنا أؤكد أن هذا الطلب لم يحدث، ولن يحدث”.

وسبق أن انتشرت تقارير إعلامية غربية في الأيام القليلة الماضية، تُفيد بأن حزب الله اللبناني طلب من طهران مساعدته أمام الهجمات الإسرائيلية المكثفة التي بدأت بعد حادثة تفجير أجهزة البيجر والاتصالات اللاسلكية في بيروت، وأن إيران رفضت هذا الطلب، وفق ما نقله موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين.

لكن مصادر إيرانية ولبنانية رفيعة المستوى، نفت لـ”عربي بوست”، صحة هذه التقارير، إذ أكدت ثلاثة مصادر إيرانية ومصدر من حزب الله لـ”عربي بوست”، أن “الأمر لم يحدث”.


حشد قوى محور المقاومة في الجولان

في حين أكدت مصادر إيرانية وعراقية لـ”عربي بوست”، صحة التقارير التي تحدثت عن حشد 40 ألف مقاتل من المقاومة الإسلامية في العراق والحوثيين في الجولان، لمساندة حزب الله في حال قيام الاحتلال الإسرائيلي بهجوم بري في لبنان.

أفاد المصدر الإيراني من الحرس الثوري بأن “حزب الله لا يخشى الهجوم البري الإسرائيلي المحتمل كما يعتقد الكثيرون، ولكن في الوقت ذاته لا يريد جرّ لبنان إلى حرب أخرى مع الإسرائيليين، لذلك رأت القيادة الإيرانية أنه من الأفضل حشد قوى محور المقاومة لتكثيف الهجمات على إسرائيل، لإرباك الإسرائيليين وتقليل الضغط عن حزب الله في الوقت الحالي”.

وشدد على أن “حزب الله لا يريد مواجهة واسعة النطاق مع إسرائيل، ولا استخدام أسلحته الاستراتيجية في هجمات ضد إسرائيل في هذا الوقت بالتحديد، لعدم كشفها”.

وتابع بأنه “في الأيام الماضية، قامت إسرائيل بضرب أماكن تخزين أسلحة تابعة لحزب الله، لذلك فهو لا نريد المزيد من الخسائر”.

مصادر من الفصائل المسلحة العراقية أكدت كذلك لـ”عربي بوست”، ما ورد من أخبار تفيد بأن 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن ذهبوا إلى الجولان السوري، في انتظار أوامر من حزب الله.

وقال قيادي من كتائب حزب الله العراقية لـ”عربي بوست”: “ليس هناك خطة محددة حتى الآن بعد وصول المقاتلين العراقيين واليمنيين إلى الجولان السوري، لكنهم على أهبة الاستعداد حتى صدور الأوامر، وسيبقون في الجولان، و

لن يذهبوا إلى لبنان، بناء على طلب حزب الله

“.



انتظار الحلول الدبلوماسية؟

على الرغم مما سبق، أوضح مصدر إيراني من مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي لـ”عربي بوست”، أن “الجميع في إيران يفضّل الحل الدبلوماسي، ففي آخر اجتماع بين خامنئي وقادة الحرس الثوري، طلب المرشد منهم الانتظار حتى عودة الرئيس الإيراني من نيويورك، لتقرير ما يمكن فعله”.

وأكد أن “حزب الله والقيادة في طهران يأملون إيجاد حل دبلوماسي بأسرع وقت، وهناك جهود تقودها فرنسا، لكن علينا الانتظار قليلاً”.

في الوقت ذاته، عبّر المصدر الإيراني عن شكوكه في نجاح المساعي الدبلوماسية، قائلاً لـ”عربي بوست”: “لا ثقة لدينا سواء في طهران أو في بيروت في أن تنجح هذه المساعي، لأن إسرائيل تفعل كل ذلك ليس فقط من أجل إطالة فترة الحرب وإعادة النازحين، ولكن من أجل منع أي تواصل إيراني مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية”.


موقف الحرس الثوري من التصعيد

عن موقف الحرس الثوري من التصعيد، سبق أن أورد تقرير سابق لـ”عربي بوست”، أن قادة الحرس الثوري حذّروا الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان الذي نجح في إقناع خامنئي من تأجيل الرد الإيراني على اغتيال “إسرائيل” لإسماعيل هنية في طهران، من خطورة هذا التأجيل وإضعاف موقف طهران بين قوى محور المقاومة.

في آخر اجتماع بين كبار قادة الحرس الثوري والمرشد الأعلى الإيراني، انتقد قادة الحرس موقف بزشكيان وتصريحاته في نيويورك، التي قال فيها إن “حزب الله لا يستطيع مواجهة إسرائيل بمفرده”، بحسب المصدر ذاته.



تأثير تأخر الرد الإيراني على حزب الله

المصدر الإيراني ذاته، كشف عن أن “قادة الحرس الثوري أكدوا لخامنئي أن التصعيد الإسرائيلي الحالي في لبنان هو نتيجة تأجيل الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، ورغبة الرئيس الإيراني في إحياء المفاوضات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية”.

وقال المصدر من مكتب المرشد الأعلى، الذي كان حاضراً للاجتماع الأخير بين خامنئي وقادة الحرس الثوري: “يرى بعض قادة الحرس أن من الضروري أن يوجه حزب الله ضربة واسعة انتقامية ضد إسرائيل، تتمثل في استهداف تل أبيب، واستخدام حزب الله للصواريخ المتقدمة”.

وأضاف أنه “في الأيام القليلة الماضية، أقنع قادة الحرس الثوري خامنئي باستخدام حزب الله صواريخ طويلة المدى مثل فجر 5 التي استخدمها في استهداف حيفا، ولكنهم يريدون المزيد على الاقل من باب الانتقام لمقتل كبار القادة في حزب الله”.

لكنه قال إن “خامنئي رأى أن على الجميع الانتظار في الوقت الحالي، مع التجهيزات العسكرية لباقي قوى محور المقاومة، وتأهيلهم لوضع الاستعداد في أي وقت، بحسب الخطة التي وضعها الحرس الثوري بالاتفاق مع حزب الله”.

أما بما يتعلق بخطط الأيام المقبلة، قال المصدر من الحرس الثوري الإيراني لـ”عربي بوست” إن “حزب الله لا يريد التصعيد، بل يريد تحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأمد”.

وتابع: “سيعمل حزب الله في الأيام المقبلة على توسيع نطاق هجماته داخل إسرائيل، دون استهداف المدنيين، واستخدام أسلحة جديدة، مع عدم اللجوء إلى استخدام الصواريخ المتقدمة في الوقت الحالي”.

وأضاف أن “حزب الله يعمل الآن على الاستنزاف العسكري والاقتصادي لإسرائيل”، أما فيما يتعلق بالهجوم البري الإسرائيلي المحتمل، “فإن حزب الله مستعد له تماماً، بل ويفضله، فقتال الإسرائيليين عن قرب سيكون فرصة جيدة لحزب الله”، على حد قوله.

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يشن منذ الاثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024 “أعنف وأوسع” هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” قبل نحو عام، وأسفر عن 640 شهيداً، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى 2505 جريحاً.

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفاً يومياً عبر “الخط الأزرق” الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان و”إسرائيل”.