أخبار الرياضة

نجا من الموت وأعاد الحياة لميلان ونال إشادة أريغو ساكي.. من هو ستيفانو بيولي المدرب الجديد للنصر السعودي؟

تولى الإيطالي ستيفانو بيولي المدرب السابق لميلان مهمة قيادة فريق النصر السعودي، ليخلف البرتغالي لويس كاسترو الذي أُقيل من منصبه يوم 17 سبتمبر/ أيلول 2024 بعد تعادل “العالمي” مع الشرطة العراقي في مستهل مشوار الفريقين في مسابقة دوري أبطال آسيا للنخبة 2024-2025.

وأعلن نادي النصر يوم 18 سبتمبر/ أيلول 2024، عن التعاقد مع ستيفانو بيولي لتولي القيادة الفنية للفريق الكروي الأول، وكتب الحساب الرسمي للنادي عبر منصة “إكس”: “ستيفانو بيولي نصراوي. أهلاً بمدربنا الجديد”.

من جهتها أوضحت صحيفة الشرق الأوسط السعودية أن عقد بيولي مع النصر سيمتد لموسمين مع إمكانية التجديد لموسم ثالث وهو قرار سيكون من حق النادي، مضيفة أن المدرب الإيطالي سيحصل على راتب سنوي يبلغ 9 ملايين يورو مع وجود حوافز أخرى.

من هو ستيفانو بيولي مدرب النصر السعودي؟

وفي السطور التالية نسلط الضوء على أبرز محطات بيولي كلاعب ومدرب والإنجازات التي حققها فضلاً عن التحديات والعقبات التي تجاوزها.

مولده ونجاحه كلاعب مع بارما ويوفنتوس

وُلد بيولي يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول 1965 في بارما وهي المدينة التي بدأ فيها مسيرته الاحترافية كلاعب، إذ انضم لفريق بارما وهو في سن الرابعة عشرة من عمره.

تمت ترقيته إلى الفريق الأول لبارما في صيف عام 1982 أي وهو في السابعة عشرة من عمره، وقضى معه موسمين اثنين قبل أن يلاحظ مسؤولو يوفنتوس موهبته كمدافع ليقرروا التعاقد معه بعد أن قاد فريقه إلى الصعود للدوري الإيطالي بعد موسم 1983-1984.


ارتدى بيولي القميص الأبيض والأسود لمدة ثلاثة مواسم تحت قيادة المدرب جيوفاني تراباتوني وجاور النجم الفرنسي ميشيل بلاتيني، فلعب 57 مباراة بجميع البطولات وسجل ليوفنتوس هدفاً وحيداً، لكن الأهم أنه تُوج مع “السيدة العجوز” بأربعة ألقاب هي دوري أبطال أوروبا (1984-1985) والدوري الإيطالي (1985-1986) وكأس السوبر الأوروبي وكأس الانتركونتيننتال.

ويُعتبر بيولي أصغر لاعب في تاريخ يوفنتوس يلعب في دوري أبطال أوروبا وفق موقع ilmessaggero الإيطالي.

أزمة قلبية تقصر عمر بيولي في الملاعب

بعد ثلاثة مواسم ناجحة مع يوفنتوس، انتقل بيولي إلى فيرونا إذ لعب له 56 مباراة في موسمين، قبل أن ينتقل إلى فيورنتينا الذي قضى معه الفترة الأطول في مسيرته الاحترافية.

وقّع بيولي عقد إشرافه على “الفيولا” في صيف عام 1989، وبعد خمس سنوات من ذلك وبالتحديد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1994 تلقى بيولي ضربة قوية في رأسه من إيغور بروتي لاعب باري الذي أدى إلى تسببه بحدوث أزمة قلبية فدخل في غيبوبة قبل أن يفيق في المستشفى.

وعن تلك الحادثة يقول بيولي: “دخلت في غيبوبة بعد اصطدام مع لاعب آخر في الملعب وعندما أفقت وجدت نفسي في سرير فحص الرنين المغناطيسي مرتدياً قميص فيورنتينا، في الحقيقة لم أعرف وقتها ما إذا كنت حياً أو ميتاً، قالوا لي إن أزمة قلبية داهمتني، لم أتذكر أي شيء حول الحادثة ولم أمتلك الجرأة لرؤية الصور إلا بعد عدة أشهر”.

انتهت رحلة بيولي الأولى مع فيورنتينا في صيف العام التالي، فحزم حقائبه إلى فريق بادوفا الذي قضى معه موسماً صعباً بكل المقاييس (1995-1996) بداية من الإصابات التي داهمته وقللت ظهوره على أرض الملعب، وانتهاءً بهبوط الفريق إلى دوري الدرجة الثانية.

بعد الهبوط، وجد بيولي نفسه لاعباً في فريق بيستويسي في دوري الدرجة الثالثة، وبعد موسم واحد عاد إلى فيورنتينا ليكمل بألوانه 185 مباراة بجميع البطولات، قبل أن يكتب السطر الأخير من مسيرته كلاعب مع فريق كولورنو ثم علق حذائه في صيف عام 1999.

مسيرة بيولي المدرب

بدأ بيولي وظيفته في عالم التدريب مباشرة بعد الاعتزال، فأشرف على شباب بولونيا تحت 19 عاماً ومنه إلى نفس الفئة العمرية في كييفو.

وبعد 4 سنوات تولّى تدريب ساليرنيتانا في الدرجة الثالثة ومن بعده مودينا على فترتين قبل أن يحظى بفرصة العودة إلى فريقه الأم بارما من بوابة التدريب وذلك في صيف عام 2006.

ظهر بيولي للمرة الأولى كمدرب في الدوري الإيطالي وذلك في موسم 2006-2007 حين تعادل بارما مع تورينو 1-1، كما حقق مع الفريق نتائج جيدة في الدوري الأوروبي إذ بلغ دور الـ32 بعد تصدره المجموعة الرابعة قبل أن يُقصى على يد سبورتنغ براغا 1-صفر في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.

وعلى الرغم من النتائج المقبولة أوروبياً إلا أن بارما أقال بيولي في منتصف فبراير/ شباط 2007 بسبب سوء النتائج محلياً في الدوري.

عقب إقالته من بارما تراجع بيولي خطوة إلى الخلف فتولى تدريب غروسيتو في الدرجة الثانية وأنهى معه موسم 2007-2008 في المركز الثالث عشر، ثم درّب بياتشينزا وساسولو وصعد مع الثاني إلى الدرجة الأولى.


بعد ذلك وبالتحديد في عام 2010 كلفه كييفو بقيادة الفريق في دوري الدرجة الأولى، وبعد عام واحد درّب باليرمو في تجربة قصيرة للغاية إذ وقّع معه في يونيو/ حزيران 2011 ثم أُقيل بعد شهرين فقط بعد إقصاء الفريق من تصفيات الدوري الأوروبي على يد ثون السويسري.

من ثم عمل بيولي مدرباً لبولونيا على مدار 3 مواسم وكان أحسن أرقامه احتلال المركز التاسع، ثم حقق قفزة نوعية من حيث الطموح عندما أصبح مدرباً للاتسيو عام 2014.

مع فريق العاصمة الإيطالية بلغ بيولي نهائي كأس إيطاليا وخسره أمام يوفنتوس، ثم قاد لاتسيو إلى احتلال المركز الثالث فأعاده إلى دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 8 سنوات قبل أن يخرج من التصفيات على يد باير ليفركوزن، وبعد الهزيمة في الديربي أمام روما في أبريل/ نيسان 2016 أُقيل من منصبه.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه تولّى بيولي تدريب إنتر خلفاً للهولندي فرانك دي بور، وبدأ مع “النيراتزوري” بشكل رائع إذ حقق العديد من الانتصارات المتتالية قبل أن تسوء النتائج مجدداً ليُقال قبل نهاية موسم 2016-2017.

بيولي.. مأساة متجددة مع الأزمات القلبية

عاد بيولي إلى فيورنتينا كمدرب في صيف عام 2017، وفي الوقت الذي كان يحقق فيه نتائج رائعة مع “الفيولا” ظهرت الأزمات القلبية في حياته مجدداً، وهذه المرة أنهت حياة دافيد أستوري قائد الفريق الذي توفي أثناء نومه في مارس/ آذار 2018 قبل ليلة واحدة من مواجهة أودينيزي.

يومها قال بيولي: “عندما أتلقى اتصالاً يحمل أخباراً مفجعة أعود لأعيش تلك اللحظة المرعبة، لقد فقدنا لاعباً (أستوري) كان مثالاً يحتذى به”، بعدها قرّر المدرب وضع وشمٍ على يده يحمل أول حرفين من اسم اللاعب الراحل بالإضافة إلى الرقم 13.

في ذلك الموسم أنهى فيورنتينا بقيادة بيولي الدوري الإيطالي في المركز الثامن، وفي الموسم التالي (2018-2019) دخل المدرب في خلافات مع الإدارة أدت إلى إقالته على الرغم من بلوغ الفريق الدور نصف النهائي لمسابقة كأس إيطاليا.

بيولي يرسم “لوحة فنية” مع ميلان

أعلن ميلان يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 التعاقد مع بيولي لاستلام تدريب الفريق خلفاً لماركو جيامباولو الذي أُقيل من منصبه بسبب سوء النتائج.

كانت الشهور الأولى لبيولي مع ميلان صعبة للغاية كما أن الخسارة القاسية أمام أتالانتا بنتيجة صفر-5 قبل عطلة أعياد الميلاد كادت تُطيح به خارج أسوار “الروسونيري”، لكن الأمور تبدّلت بعد سوق الانتقالات الشتوية 2020 بعد وصول السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والمدافع سيمون كاير فبدأت النتائج بالتحسن.

عمل بيولي جنباً إلى جنب مع الألماني رالف رانجنيك الذي أشرف على عملية التعاقدات، فتحوّل ميلان إلى منافس حقيقي على اللقب وهو ما تحقق فعلاً في الموسم الثالث لبيولي مع “الروسونيري” وذلك في 2021-2022، وفيه تفوّق ميلان على جاره إنتر بفارق نقطتين ليرفع لقبه التاسع عشر في تاريخه والأول منذ 11 عاماً.

هذا الإنجاز دفع أسطورة ميلان كلاعب ومدرب أريغو ساكي إلى الإشادة بعمل بيولي حيث قال: “لقد رسم ستيفانو بيولي تحفة فنية، إذا نظرت إلى الفريق وما أنفقته الإدارة فإن الحصول على المركز الرابع أو الخامس سيكون بمثابة إنجاز كبير”.

نهاية شهر العسل بين بيولي وميلان

في الموسم التالي (2022-2023) تراجعت نتائج ميلان محلياً فأنهى الفريق بطولة الدوري في المركز الرابع بفارق 20 نقطة عن نابولي البطل، لكن “الروسونيري” بلغ نصف نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أن يودّع المسابقة أمام جاره اللدود إنتر ميلان بنتيجة 3-صفر في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.

وفي موسم 2023-2024 استقر ميلان في المركز الثاني خلف إنتر البطل بفارق 19 نقطة، وقبلها كان قد أُقصي الفريق من دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا حيث احتل المركز الثالث في المجموعة السادسة خلف باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند.

وفي مايو/ أيار 2024 أصدر ميلان بياناً رسمياً أعلن فيه أن بيولي لن يكون مدرب الفريق في الموسم القادم (2024-2025) وقدّم له الشكر على عمله طيلة السنوات الماضية.

وأهم ما جاء في بيان النادي: “يتقدم ميلان بالشكر الجزيل لستيفانو بيولي وطاقمه بالكامل لقيادة الفريق الأول على مدى السنوات الخمس الماضية، والفوز بلقب الدوري الذي لا يُنسى وإعادة الفريق إلى البطولات الأوروبية، لقد ساهم باحترافه وأمانته في نمو الفريق”.

طريقة لعب بيولي

في حقيقة الأمر لم يلتزم ستيفانو بيولي بطريقة لعب محددة، فدائماً ما يبني خططه بناءً على نقاط القوة والضعف للفرق التي أشرف على تدريبها، مما يعني أنه مدرب يتمتع “بمرونة تكتيكية” عالية جداً.

فمع ميلان مثلاً لعب بيولي بطريقة 3-4-3 وعندما لم يحقق الفريق النتائج المطلوبة غيّر أسلوبه إلى 4-2-3-1 وهي التي منحته لقب الدوري الإيطالي.

وفي بعض الأحيان يحب بيولي اللعب بطريقة 4-3-3 خاصة وأنه دائماً ما يفضّل وجود ثلاثة لاعبين في منطقة الوسط المركزية.

كما يطلب من لاعبيه الضغط على حامل الكرة عند فقدانها مباشرة، لكن عندما يواجه فريقاً يتمتع بجودة عالية في الخروج بها لا يجد بيولي حرجاً في الاستقرار بالخلف والاعتماد على الأسلوب الدفاعي البحت الذي تشتهر به كرة القدم الإيطالية.

حياة بيولي الشخصية

بعيداً عن الملاعب يتمتع بيولي بشخصية هادئة تماماً لدرجة أن المقربين منه يقولون إنه بالكاد تسمع صوته في المنزل، كما يحب ركوب الدراجات لمسافات طويلة ويعشق متابعة كرة السلة.

وتزوّج بيولي بصديقته باربارا التي تعرّف عليها في فترة الدراسة وأنجب منها ولدين هما كارلوتا وجيانماركو، الثاني يعمل معه ضمن طاقمه الفني كمحلل للفيديو.