الأخبار

انتقادات للسلطة ودعوات لإضراب.. هل تشهد العلاقة بين اتحاد الشغل التونسي وقيس سعيد تصعيدًا؟ 

لم تنظر قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل بعين الرضا إلى محاولة مجموعة من النقابيين منع القيادي بالاتحاد سمير الشفي من دخول المقر والشعارات المرفوعة ضد القيادة الحالية نهاية أغسطس/آب الماضي.

بل ذهب بعض النقابيين إلى اعتبار المحتجين “طابورًا خامسًا” للسلطة الغاضبة من رفض الاتحاد للتوجهات السياسية الحالية.

فالاتحاد صعّد من خطابه ضد مسار الانتخابات الرئاسية الحالية، بالتنديد برفض هيئة الانتخابات حكم المحكمة الإدارية بإعادة 3 معارضين إلى السباق الرئاسي.

فيما يهاجم موالون للرئيس قيس سعيد على صفحات فيسبوك، قيادة الاتحاد ويتهمونها بـ “الخيانة” و”الفساد” والعلاقة مع “أعداء مسار 25 يوليو 2021”.


الإضراب العام

وفي 9 سبتمبر/أيلول الجاري أورد موقع “الشعب نيوز” التابع للاتحاد العام للشغل أن اللائحة العامة للمجلس الوطني للاتحاد المنعقدة الأسبوع الماضي تبنت مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية.

وتابع الموقع الإعلامي أن المجلس الوطني “قرر تفويض الهيئة الإدارية الوطنية لاتخاذ قرار موعد الإضراب العام وموعده”.

الثورة التونسية

و”يأتي قرار مبدأ الإضراب العام للمطالبة بالحق بالتفاوض وفتح الحوار الاجتماعي واحترام الحق النقابي، وتطبيق الاتفاقات والاستجابة للمطالب الاجتماعية المضبوطة في اللائحة المهنية للاتحاد”، وفق الموقع.

ونبه “الشعب نيوز” إلى أن الإضراب العام بوصفه آلية نضالية مشروعة، ذات أبعاد وانعكاسات عميقة تستوجب إجراءات قانونية واستعدادات نقابية لضمان تنفيذه بنجاعة، ومن زاوية نظر قانونية وإجرائية فموعد الإضراب العام لن يكون في القريب العاجل.


بعد الانتخابات الرئاسية

رشيد النجار، نقابي سابق في الجامعة العام للفلاحة التابعة للاتحاد العام للشغل، علّق على قرار المجلس الوطني للاتحاد باعتماد خيار الإضراب العام.

وقال للأناضول: “هناك نية ألا يتم الإضراب قبل الانتخابات الرئاسية (المقررة في 6 أكتوبر/تشرين أول المقبل)، حتى لا يُفهم من قبل السلطة أن الانتخابات مقصودة”.


وأضاف: “إعلان الإضراب العام دون تحديد تاريخه هو رسالة إلى السلطة، نظرًا لتوقف المفاوضات الاجتماعية واتخاذ السلطة قرارات اجتماعية واقتصادية كبرى دون حضور الاتحاد العام التونسي للشغل المتعلقة بالأجور وغيرها”.

“هي معركة شد أعصاب بين السلطة والاتحاد، والاتحاد يريد فرض مطالبه وسيستمر في الدفاع عن مصالح منظوريه وإلا لفقد دوره وتم إضعافه أكثر، والإضراب لا بد من العمل له جيدًا بالنظر لتجاوزات السلطة”.


أهداف الإضراب

الأكاديمي مراد اليعقوبي قال للأناضول: “لنا تجربة مع هذه الإعلانات عن إضرابات عامة.. المفروض أن تكون مرتبطة بحقوق عمالية”.

واستدرك: “لكن التجربة في السنوات الأخيرة بينت أن هذه دعوات (للإضرابات) سياسية تخدم أطرافا سياسية داخل الاتحاد، أو لها موقف من السلطة القائمة”.

وأضاف اليعقوبي: “يبدو أن اتحاد الشغل يدافع عن تهديدات تستهدفه، بعضها غير منطقي وبعضها منطقي مثل التفرغ النقابي (التفرغ للعمل النقابي والحصول على الأجور من الدولة) والاقتطاع الآلي (سحب اشتراكات العمال مباشرة من أجورهم إلى حسابات الاتحاد)”.


وحول موقع الاتحاد اليوم في الخارطة السياسية، مع ما يظهر من إقصاء السلطة له، قال: “اليوم يعرف الاتحاد أنه فقد مكانته واعتباره، واتضح دوره السياسي في البلاد ويريد أن يعود من هذه النافذة”.

“بعد هذا، كل من يعتبر أن عودة الاتحاد شيء إيجابي فهو قد تغافل عن المسار التاريخي والوضع الحالي الذي بلغته المنظمة، التي لم تعد اتحادًا بل أصبحت لسانًا لبعض الأحزاب والتوجهات الأيديولوجية”.

وحول التلويح بالإضراب العام والقدرة على تنفيذ ذلك قال: “مجرد تلويح، فقد وقع خلاف كبير حول الموضوع في المجلس الوطني، وهناك بعض الأطراف انسحبت والاتحاد يكاد ينفجر من الداخل”.

ووفق الأكاديمي التونسي: “الاتحاد في وضع خضوع للسلطة، ولا يمكن أن يمثل عنصرًا لتغيير الوضع السياسي في البلاد، لأن هذا يحتاج أناسًا مؤمنين بالديمقراطية ومستعدين للدفاع عنها”.


تمسك بالمطالب

وعلى عكس ما ذهب إليه اليعقوبي، بينت تحركات ميدانية للاتحاد أن النقابيين متمسكون بمطالبهم وبالدفاع عن الحق النقابي والحريات”.

وفي تحرك لقطاعي التعليم الأساسي والثانوي، رفع عشرات المعلمين والأساتذة، الأربعاء، شعارات سياسية من بينها “حريات حريات دولة البوليس انتهت” و”حق الإضراب واجب”.

وقال محمد الصافي، كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، في كلمة الأربعاء أمام مئات النقابيين المتجمعين في يوم غضب أمام مقر وزارة التربية بالعاصمة تونس: “سنفتح مفاوضات مع الوزارة حول المسائل المادية في القريب العاجل بعد العودة المدرسية (متوقعة في 16 سبتمبر/أيلول الجاري)”.