يواجه بعض الآباء والأمهات مواقف محرجة حين يُقدم أحد أبنائهم على تصرفات غير لائقة، خصوصا تلك التي تنضوي على التقليل من شأن الوالدين.
ويشكو بعض الآباء أحيانا من توجيه المراهقين بعض الكلمات أو العبارات الجارحة، والتي تشعرهم بالإحباط، بل والحرج حين يتم الأمر أمام أحد الأقارب أو الأصدقاء. فما أساليب التربية التي عليك اتباعها في هذه الحالات؟ وكيف تكسب احترام ابنك وتجعله يحترم الآخرين أيضا؟
موقع "لايف هاكر" نشر تقريرا للكاتب جايسون كيل استعرض فيه كيفية التعامل مع الطفل عندما يجرح مشاعر أحد الوالدين، مشددا على ضرورة استيعاب أن الصغار لا يدركون أبعاد هذه السلوكيات عندما يقدمون عليها.
توفير التدريب الجيد
يقول عالم النفس والمؤلف المشارك لكتاب "الحزام الأسود الاجتماعي" الدكتور كريستوفر كورتمان إن "الأطفال لا يعرفون السلوكيات الجيدة، إلى أن يتم تعليمهم إياها من خلال تدريبهم على ما هو مقبول، وما هو مرفوض، وذلك من خلال تقديم نماذج مساعدة لهم".
وأوضح الكاتب أن على الآباء تعليم أطفالهم أن يعبّروا عن مشاعرهم بحرية. لكن، في المقابل، ينصح بألا يسمحوا للأمر بأن يصل إلى حد التجريح، "فإذا جرحوا مشاعرنا مرة أو اثنتين واحتفظنا باستيائنا لأنفسنا، فلن نكون قدوة جيدة لهم، ليس لكوننا نضيع فرصة التواصل معهم فحسب، بل لكونهم لا يدركون عواقب أفعالهم، مما يدفعهم لمواصلة الإقدام على التصرفات ذاتها دون اكتراث".
أخبرهم بما تشعر
ويقول كورتمان، "إذا أظهرت أنك مضاد للرصاص وأنك لا تتأثر بتعليقاتهم السلبية ولا تظهر غضبا من تصرفاتهم، فإنك بهذه الطريقة لا تعلمهم سلوكيات جيدة. ومن ثم، سيقومون برفع مستوى الرهان على قدرتك على تحملك".
وأوضح الكاتب أن الأطفال قد يلجؤون لاستخدام الرسائل السلبية في بعض الأحيان، لأنهم يتألمون. "ويعرف الطفل أن أفضل طريقة لإيذاء مشاعرك سواء أكنت أبًا أو أمًا هي أن يقول إنه يكرهك. إن ما يحاول طفلك قوله حقا هو أنه يكره ما يشعر به في الوقت الحالي، وأنه يعاني كثيرا من الألم. فهم لا يكرهونك في الواقع، لذلك خذ نفسا عميقا، واستغل الفرصة لمناقشة ما يمرون به".
وبيّن عالم النفس أنه يمكنك -سواء أكنت أبًا أو أمًا- أن تستدعي لطفلك ذكريات عن مواقف تعرضوا فيها لجرح مشاعرهم حتى يتذكروا ما حدث ويدركوا ما تمر به الآن. "ويمكن أن يساعد هذا بتعليم طفلك مهارة التعاطف مع الآخرين. والأهم من ذلك، أن تبقي خطوط التواصل مفتوحة -رغم إيذاء مشاعرك- فمن المحتمل أن طفلك لم يكن ينوي إيذاءك".
وينصح كورتمان بضرورة تعليم الأطفال التحدث بلطف حتى يفهم المتلقي القصد مما يقولونه. وابدأ حوارك معهم بجمل مثل "أنا أحبك كثيرا، ولا أريد أبدا أن يحدث لك أي شيء، وأنا قلق بشأن…"؛ فهذا سيحدد نغمة ما سيأتي بعد ذلك من نقاش.
ماذا لو تجرأ طفلك عليك؟
وفي حال استفحل الأمر وتحول إلى تجرؤ الطفل على والديه، فترى استشارية التربية واختصاصية تعديل سلوك الأطفال وصعوبات التعلم ريم مصطفى عمران أن الطفل يمضي كثيرا من حياته يراقب ويلاحظ أفعال والديه، وتحديدا، الأم باعتبار أنها تقضي أكثر الوقت معه، ويخزن تلك الأفعال ليعيد إنتاجها مرة أخرى بعد ذلك.
وتقول عمران إن هناك أسبابا عدة تؤدي إلى تطاول أو تجرؤ الطفل، ومنها:
- عدم قدرة المراهق على التحكم في غضبه.
- عدم وجود حدود واضحة بين الأم والطفل.
- التخلي عن السلطة الأبوية والسماح للطفل بالسيطرة على الأسرة.
- افتقار الطفل لمشاعر الحب والدفء من الأم.
- إسقاط الأم لإحباطاتها والضغوطات التي تتعرض لها على الطفل.
- اللوم والنقد الدائم للطفل.
- الصراخ على الطفل وتأنيبه بكلمات جارحة.
نصائح للتعامل مع الطفل العصبي
من جانبه، تنصح الكاتبة لولا روفاتي -في تقرير نشرته مجلة "بيبيس إي ماس" الإسبانية- بعدم التسرع في التوبيخ أو إصدار الأحكام عندما يكون ما يهم حقا هو ما يشعر به الطفل.
لذلك، تنصح بالتعبير عن تعاطفك مع طفلك وقبول ما يقوله من خلال تحريك رأسك، وضع نفسك مكانه. وتاليا، نصائحها التي تساعد الآباء والأمهات على التعاطف مع الطفل:
- انظر في عينيه: أول شيء عليك القيام به هو الحفاظ على التواصل البصري مع طفلك. ويمكن أن يفتح هذا الإجراء البسيط باب التواصل معه. لذلك، حاول اكتشاف ما يثير غضبه أو انزعاجه ثم اسع لحله.
- قدم له الدعم: تحدُث مواقف قد ينفجر فيها طفلك، فإذا كان صغيرا في السن، حاول الاقتراب منه وعانقه. أما إذا كان أكبر سنا ولا يريد أن تحضنه، فحاول أن تظهر له أنك دائما على استعداد لدعمه والوقوف إلى جانبه.
- البحث عن أشياء تصرف انتباهه: يمكن أن تشتّت غضب طفلك من خلال العد إلى رقم 10 أو أي تقنيات أخرى تشد انتباهه عن شيء ما. وتعمل هذه الطرق، على منع الغضب أو نوبات البكاء التي تنتابه. لكن بمجرد طمأنته، من المهم التحدث عن النزاع وإيجاد حل له.
- امنحه الوقت: عندما تنتاب الطفل موجة غضب شديدة، قد يكون من الجيد إتاحة الوقت له حتى يهدأ قبل الحديث عما يزعجه. وفي هذه الحالة، يتعين عليك التعاطف معه والتحقق من صحة عواطفه، لكن حاول التحدث معه في وقت لاحق في المنزل وتهدئته. وبعد سويعات، يمكنك أن تلاحظ الفرق.
- دغدغ طفلك أو قبّله: لا يقبل كل الأطفال طريقة اللعب هذه على حد السواء، بل إنها تثير غضب كثيرين منهم. في المقابل، هناك حالات تكون فيها الدغدغة أو القبلات ذات تأثير فعال. إلى جانب ذلك، يمكن أن يكون ذلك أسلوبا جيدا لإلهائه. وبطبيعة الحال، ينبغي لك أن تعرف متى يجب عليك أن تطبقها.