LIFE
الأخبار المنوعة

تشعر بالراحة عند ارتداء لونًا فاتحاً لكنك تكره الألوان الغامقة؟ تعرف على الطريقة التي يؤثر بها علم نفس الألوان على سلوكنا 

لطالما كان للألوان دورٌ رئيسي في تشكيل عواطفنا وتحفيز مشاعرنا، إذ يعتقد الكثيرون، بمن فيهم فنانون ومصممو الديكور، أن الألوان تحمل تأثيرات كبيرة على الحالة النفسية والمزاجية للإنسان.

على سبيل المثال الفنان الإسباني الشهير “بابلو بيكاسو” كان قد قال في إحدى مقولاته الشهيرة:”الألوان، مثل الملامح، تتبع تغيرات العواطف”.

إن هذا القول يعبر عن رؤية قديمة للعلاقة الوثيقة بين الألوان وتأثيرها على نفسية البشر، والرابط القوي بينهما.

لكن على الرغم من بساطة الألوان باعتبارها ظاهرة بصرية، إلا أنها تُعد وسيلة قوية للتواصل بين الأفراد ومع البيئة المحيطة بهم.

إذ أن الألوان ليست مجرد زينة، بل إنها تلعب دوراً في تحفيز مشاعر الإنسان، حتى إلى درجة التأثير على استجابته الفسيولوجية مثل ارتفاع ضغط الدم أو تسريع عملية التمثيل الغذائي.

وفقًا للدكتورة  الأمريكية”راشيل جولدمان”، خبيرة في علم النفس، فإن “الألوان ليست مجرد مسألة جمالية، بل لها تأثيرات حقيقية على حالتنا النفسية وسلوكنا اليومي”.

ما هو علم نفس الألوان؟

علم نفس الألوان هو مجال دراسي يُعنى بفهم تأثير الألوان المختلفة على مشاعر الإنسان وسلوكه.

يعتمد هذا العلم على دراسة كيفية استجابة الأفراد للألوان بناءً على عدة عوامل مثل العمر، الثقافة، والخلفية الشخصية.

يقدم هذا العلم نظرة شاملة حول كيفية تأثير الألوان في الجوانب النفسية والفسيولوجية للأشخاص، ومن المواضيع التي يُعنى بها علم نفس الألوان:


– معاني الألوان وتفسيرها

– كيف تؤثر الألوان على العمليات الفسيولوجية

– التفاعل العاطفي مع الألوان

– العوامل المؤثرة في تفضيل ألوان معينة

– الاختلافات الثقافية في تفسير الألوان

– تأثير الألوان على الصحة النفسية

– كيفية استخدام الألوان لتعزيز الرفاهية وتصميم بيئات أكثر راحة

التأثيرات النفسية للألوان

على الرغم من أن الأبحاث حول “علم نفس الألوان” ما زالت في مراحلها الأولى، إلا أن الاهتمام به يعود إلى العصور القديمة.

في ثقافات مصرية وصينية قديمة، كان للألوان استخدامات طبية وروحية حيث تم استخدامها لعلاج الأمراض الجسدية والنفسية.

أما اليوم، ما زال علم الألوان يشكل جزءاً مهماً من بعض أنواع العلاج افي ما يسمى بالطب البديل.

الألوان التي تقع في المنطقة الدافئة من الطيف مثل الأحمر، البرتقالي، والأصفر تثير مشاعر الطاقة والحيوية، كما قد ترتبط بمشاعر الدفء والراحة، ولكنها قد تسبب أيضًا القلق أو الغضب لدى بعض الأشخاص.

بينما تُعرف الألوان الباردة مثل الأزرق، الأخضر، والبنفسجي بقدرتها على تهدئة النفس وتخفيف التوتر، ولكنها قد تُشعر الإنسان بالحزن في بعض الأحيان.

وحسب دراسة نُشرت عام 2020 استطلعت آراء 4598 شخصًا من 30 دولة حول ارتباطاتهم العاطفية بالألوان، وُجدت النتائج التالية:

– الأسود: ربط 51% من المشاركين اللون الأسود بالحزن.

– الأبيض: ربط 43% اللون الأبيض بالارتياح.

– الأحمر: ربط 68% اللون الأحمر بالحب.

– الأزرق: ربط 35% اللون الأزرق بالراحة.

– الأخضر: شعر 39% بأن اللون الأخضر يرمز إلى الرضا.

– الأصفر: اعتبر 52% اللون الأصفر رمزًا للفرح.

– البني: ربطه 36% بالاشمئزاز.

– البرتقالي: اعتبره 44% لونًا يرتبط بالبهجة.

– الوردي: ربط 50% اللون الوردي بالحب.


دور الألوان كعلاج نفسي

في العصر الحديث، يستمر استخدام العلاج بالألوان، الذي يعتمد على استخدام ألوان محددة لتحفيز الجسم أو تحقيق الهدوء النفسي.

إذ على سبيل المثال:

  • يُستخدم اللون الأحمر لزيادة الحيوية وتنشيط الدورة الدموية.
  • يُعتبر اللون الأزرق مفيدًا في تهدئة الألم وتحفيز الاسترخاء.
  • يُستخدم اللون البرتقالي لرفع مستويات الطاقة وعلاج الجهاز التنفسي.

على الرغم من قلة الأدلة العلمية المتينة التي تدعم فعالية هذا النوع من العلاجات، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أنه قد يكون مفيدًا في بعض الحالات.

على سبيل المثال، دراسة عام 2020 وجدت أن الألوان قد تساعد في تخفيف التوتر والإجهاد لدى العاملين في وحدات العناية المركزة.

التأثيرات النفسية والفسيولوجية للألوان

بينما يظل العلاج بالألوان موضوعًا مثيرًا للجدل في الأوساط العلمية، تشير أبحاث أخرى إلى تأثيرات ملموسة للألوان على السلوك والأداء.

إذ على سبيل المثال أثبتت دراسة أن الأدوية ذات الألوان الزاهية مثل الحبوب الحمراء ترتبط بشكل أكبر بزيادة مستويات النشاط مقارنة بالأدوية ذات الألوان الفاتحة.

فيما يرتبط ارتداء الزي الرياضي الأحمر بتحقيق أداء أفضل في المنافسات الرياضية، حيث يعتقد الباحثون أن اللون الأحمر يزيد من الاستجابة السريعة.

إذ أن اللاعبيون الذين يرتدون ملابس سوداء هم أكثر عرضة للحصول على مخالفات خلال المباريات.

الألوان والسلوك الاستهلاكي

يمكن للألوان أن تلعب دورًا كبيرًا في اختياراتنا كمستهلكين، فقد يعكس اللون الذي نختاره في شراء المنتجات، مثل السيارات، جزءًا من شخصيتنا أو الصورة التي نرغب في عرضها للآخرين.

على سبيل المثال:

– اللون الأبيض يعكس الشعور بالنظافة والحداثة.

– اللون الأسود يرتبط بالقوة والغموض، وغالبًا ما يختاره الأشخاص الذين يرغبون في إظهار الثقة والتميز.

– اللون الأحمر يرمز إلى الجرأة والحيوية، وغالبًا ما يُعتبر لون الأشخاص الذين يحبون لفت الأنظار.

في حين أن الأذواق الشخصية تلعب دورًا في تفضيل الألوان، إلا أن هناك عوامل أخرى تؤثر مثل العمر، الثقافة، وحتى الظروف المناخية.


فهم أعمق لعلم نفس الألوان

على الرغم من الاهتمام المتزايد بعلم نفس الألوان، لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، من بينها: كيف تتشكل ارتباطات الألوان في أذهاننا؟ كيف يمكن أن تستخدم الألوان لتحسين الأداء في مكان العمل أو حتى في البيئات التعليمية؟

وبحسب زينا أوكونور، المتخصصة في علم النفس البصري من جامعة سيدني الأسترالية، هناك الكثير من المعلومات غير المدعومة تجريبيًا والتي تُقدم للجمهور على أنها حقائق.

وتؤكد أن الدراسات الحديثة التي أجريت في السنوات الأخيرة، لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدقة والبحث العلمي لضمان صحة النتائج.