صحة

الجوع العاطفي.. كيف يؤثر التوتر والاكتئاب ونظام الحياة على العادات الغذائية؟

يُعد الجوع العاطفي ظاهرة شائعة تؤثر على العديد من الناس حول العالم، وهو يمثل رغبة شديدة في تناول الطعام لأسباب عاطفية بدلاً من الحاجة البيولوجية إلى الغذاء.

إذ يحدث هذا النوع من الجوع عندما يعيش الشخص حالة من عدة مشاعر، قد تكون مختلفة، من بينها الحزن، القلق، الضجر، أو أي نوع من التوتر العاطفي، مما يدفعه لتناول الطعام كمحاولة للتغلب على تلك المشاعر.

وغالباً ما تكون الحاجة إلى طعام أكثر يمتاز كونه يحتوي على العديد من النكهات القوية، مثل القهوة، أو السكريات، أو الأطعمة الدهنية.

ما هو الجوع العاطفي؟

الجوع العاطفي هو استجابة للأحاسيس والمشاعر بدلاً من إشارات الجوع الفسيولوجية التي يرسلها الجسم عندما يحتاج إلى الطاقة من خلال تناول الطعام.

يختلف هذا النوع من الجوع عن الجوع الجسدي العادي الذي يترافق مع انخفاض مستوى السكر في الدم أو إحساس المعدة الفارغة.

وعادةً ما يتجلى الجوع العاطفي في الرغبة في تناول أطعمة معينة ذات نكهات قوية، وغالبًا ما تكون تلك الغنية بالسكر أو الدهون.


وقد سُمّي الجوع العاطفي بهذا الاسم لأنه ينشأ كرد فعل للمشاعر والأحاسيس العاطفية وليس بسبب احتياج الجسم للطاقة أو الغذاء.

يمكن أن يُعتبر كاستجابة سلوكية تهدف إلى تخفيف أو تخدير المشاعر السلبية أو تعزيز مشاعر السعادة والراحة.

لماذا يشعر البعض بالجوع العاطفي؟

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى الجوع العاطفي، وذلك حسب الحالة التي يعيشها الشخص، والتي يمكن أن تكون مختلفة، وهي كالتالي:

التوتر والقلق:

التوتر يُحفز إنتاج هرمون الكورتيزول، والذي يزيد من رغبة الشخص في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، مما يُعطي إحساسًا مؤقتًا بالراحة.

الاكتئاب والحزن:

الطعام يمكن أن يكون مهدئًا مؤقتًا لمن يشعر بالحزن أو الاكتئاب، حيث يحفز إفراز هرموني السعادة مثل السيروتونين والدوبامين.

الشعور بالملل:

هناك العديد من الناس الذين يتناولون الطعام ببساطة لملء الوقت والشعور بالانشغال، في حال كانوا يشعرون بالضجر الشديد، ولا يعرفون ما الشيء الذي يمكن أن يقوموا به.

بعض العادات الحياتية:

يُمكن أن تتكون لدى بعض الأشخاص عادات أكل مرتبطة بمناسبات معينة، مثل تناول الطعام عند مشاهدة التلفاز أو في الحفلات، مما يزيد من تحفيز شعورهم بالجوع العاطفي.

التجارب الطفولية:

يمكن أن تؤدي تجارب الطفولة المتعلقة بالطعام، مثل استخدام الطعام كمكافأة أو كوسيلة للراحة، إلى تشكيل عادات أكل عاطفية في مرحلة البلوغ.


كيف يحدث الجوع العاطفي؟

يبدأ الجوع العاطفي عادةً بإحساس قوي بمشاعر سلبية مثل القلق أو الحزن، وهنا يبحث الشخص عن طريقة سريعة ومباشرة لتخفيف هذه المشاعر، وغالبًا ما يلجأ إلى الطعام كوسيلة مريحة ومُهدئة.

بعد تناول الطعام، يشعر الشخص بالراحة لفترة قصيرة، ولكن بمجرد انتهاء هذه الفترة، تعود المشاعر السلبية غالبًا، مما يخلق دورة مفرغة من الأكل العاطفي.

الأطعمة المرتبطة بالجوع العاطفي

عادةً ما يكون الجوع العاطفي مرتبطًا بالرغبة في تناول أطعمة معينة تحتوي على نسبة عالية من السكر أو الدهون، مثل الحلويات، الشوكولاتة، الأطعمة المالحة، والوجبات السريعة، و القهوة.

هذه الأطعمة تُحفز نظام المكافأة في الدماغ، مما يُعزز إفراز الهرمونات التي تُحسن المزاج، مثل السيروتونين والدوبامين، مما يُعطي شعورًا مؤقتًا بالراحة والسعادة.

كيفية التحكم في هذا النوع من الجوع

للتحكم في الجوع العاطفي، يمكن اتباع الخطوات التالية:

1. التعرف على المحفزات، إذ من المهم تحديد الأسباب والمواقف التي تُحفز الجوع العاطفي، مثل الضغوط في العمل، المشاعر السلبية، أو الملل.

2. تطوير استراتيجيات بديلة، أي بدلاً من اللجوء إلى الطعام، يمكن تجربة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، أو ممارسة اليوغا.

3. التواصل والتعبير مثل الحديث مع صديق أو مستشار عن المشاعر، يُمكن أن يساعد ذلك في التخلص من الضغوط العاطفية بطرق صحية.

4. تناول الطعام بوعي، إذ يمكن أن يساعد الانتباه إلى ما نأكله ومتى نأكله في تقليل الأكل العاطفي، فيما يُفضل تناول الطعام عندما يكون الشخص جائعًا فعليًا وليس كرد فعل لمشاعر معينة.


5. ممارسة النشاط البدني، لأنه يُساهم في تحسين المزاج وزيادة إفراز هرمونات السعادة، مما يقلل من الرغبة في الأكل العاطفي.

إذ يعتبر الجوع العاطفي تحديًا كبيرًا يمكن أن يؤثر على الصحة البدنية والنفسية للأفراد، ومن المهم فهم أسبابه وكيفية حدوثه لتطوير استراتيجيات فعالة للتحكم فيه.

بالتعرف على المحفزات وتطوير آليات للتعامل مع المشاعر بطرق صحية، يمكن للأفراد تحسين علاقتهم بالطعام والحفاظ على صحتهم العامة.