الأخبار

تطعيم تحت النار.. كيف يواجه القطاع الصحي بغزة تحديات كبيرة لمنع انتشار مرض شلل الأطفال

منذ انطلاق حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، توافد عشرات آلاف الفلسطينيين إلى العيادات والنقاط الطبية لتطعيم أطفالهم وحمايتهم من المرض في ظل ظروف إنسانية قاسية بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ نحو 11 شهراً.

والإقبال الكثيف على مراكز التطعيم جاء تحت تواصل القصف المدفعي الإسرائيلي على المناطق الشرقية للمحافظة الوسطى، مع تواصل الغارات الجوية وعمليات إطلاق النار في أنحاء متفرقة من قطاع غزة.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الأحد، انطلاق حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في المحافظة الوسطى، على أن تمتد لكافة مناطق القطاع خلال الأيام القادمة.

وقالت الوكالة عبر منصة إكس إن “المرحلة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال لمن هم دون سن العاشرة انطلقت في المناطق الوسطى لقطاع غزة”.

وأضافت: “حملة التطعيم في سباق مع الزمن للوصول إلى تحصين 640 ألف طفل في القطاع خلال الأيام القادمة”.

كما نشرت “الأونروا” خارطة توضح الأماكن التي يجب أن يتوجه إليها المواطنون بالمحافظة الوسطى للحصول على التطعيمات.


كيف تجري عملية التطعيم؟

يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة، إن “حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال انطلقت في ظل ظروف صعبة بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة”.

ويضيف الثوابتة في تصريح لمراسل الأناضول أن “الحملة تُشرف عليها وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ووكالة الأونروا، وتهدف إلى تطعيم نحو 640 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين يوم و10 سنوات، وهو ما يمثل أكثر من 95 بالمئة من الفئة المستهدفة”.


وأوضح أنه إضافة إلى المراكز والعيادات والنقاط الطبية التي تم الإعلان عنها لتلقي التطعيم فيها فإن فرقاً ميدانية ستجوب كذلك كافة محافظات وأحياء ومخيمات القطاع لتطعيم الأطفال هناك لضمان وصول اللقاح إلى جميع الأطفال ضمن الفئة المستهدفة.


إحصائيات وجدول زمني

ووفق مديرة الإعلام في “الأونروا” بقطاع غزة إيناس حمدان، فإن عملية التطعيم تجري من خلال 10 مراكز صحية لا تزال تقدم خدماتها في قطاع غزة، إضافة إلى 100 نقطة طبية تم توزيعها على أنحاء القطاع.

وذكرت حمدان لمراسل الأناضول أن العملية يشارك فيها 1100 شخص ضمن طاقم طبي يعمل في “الأونروا” وبالشراكة مع منظمتي الصحة العالمية و”اليونيسف”.

وأضافت: “حملة التطعيم ستستمر 3 أيام في كل محافظة من محافظات قطاع غزة، مع وجود يوم رابع إضافي للتأكد من إنجاز المهام وتطعيم أكبر عدد ممكن من الأطفال”.

ويبدأ عمل مراكز التطعيم من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر، حيث يصطف الأطفال مع ذويهم في طوابير منظمة أمام المراكز والنقاط الطبية ويحصل كل طفل على نقطتين من اللقاح في فمه.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، فإن حملة التطعيم بعد أن تنتهي من المحافظة الوسطى ستنتقل إلى مدينة خان يونس (جنوب) ثم مدينة غزة ومحافظة الشمال على أن تنتهي في 12 سبتمبر/أيلول الجاري.

وذكرت الوزارة في بيان سابق، أنه تم تجهيز العيادات والمراكز الصحية لاستقبال أكثر من 160 ألف طفل يومياً بالمحافظة الوسطى وحدها.


والخميس، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ريك بيبركورن، إن كل طفل سيحصل على قطرتين من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النوع الثاني.

وأوضح بيبركورن في تصريحات عن بعد للصحفيين في نيويورك، أن “أكثر من 640 ألف طفل تحت سن العاشرة مستهدفون من حملة التطعيم”.

وأشار المسؤول الأممي الذي تحدث من دير البلح قطاع غزة، أنه “تم تسليم 1.26 مليون جرعة من اللقاحات و500 من حاملات اللقاحات إلى غزة”، مشيرا إلى أن 400 ألف جرعة أخرى ستصل غزة أيضا قريباً.

ولفت إلى أنه تم تدريب أكثر من 2180 عاملاً صحياً وعامل توعية مجتمعية وعاملاً في مجال التوعية، على توفير التطعيم.

وشدد على أنه من المهم أن تصل نسبة التغطية التي توفرها الحملة إلى 90 بالمئة “لوقف تفشي المرض في غزة، ومنع انتشاره على المستوى الدولي”.


كيف وصلت اللقاحات؟

ووفق مديرة الإعلام في الأونروا بغزة، فإن “اليونيسف” أدخلت اللقاحات قبل نحو 5 أيام عبر معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع.

وذكرت حمدان أنه تم توزيع اللقاحات على مراكز ومعامل صحية في قطاع غزة لحفظها بدرجة تبريد معينة من أجل سلامتها.

ويتم توزيع اللقاحات بأعداد مناسبة عبر حافظات خاصة في وقت مبكر من صباح كل يوم على النقاط الطبية والعيادات بأنحاء المحافظة التي تجري فيها الحملة لتطعيم الأطفال، وفق مصدر طبي فلسطيني.


تحديان

وتبين حمدان أن التحديين الأساسيين أمام حملة التطعيم هما استمرار الحرب الإسرائيلية وصعوبة الظروف الأمنية، والحفاظ على سلسلة التبريد لضمان عدم تلف اللقاحات بسبب انقطاع الكهرباء.

وتقول: “اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية عملتا على معالجة التحدي الثاني بإدخال كمية كافية من اللقاحات والمعدات اللازمة لحفظها في أماكن تم اختيارها بعناية”.

وفيما يتعلق بالتحدي الأول؛ فإن حمدان تأمل أن تثمر فترات الهدوء الإنسانية في إنجاح الحملة والوصول إلى كافة الأطفال في جميع مناطق قطاع غزة.


وتضيف: “منظمة الصحة العالمية أعلنت الشهر الماضي اكتشاف أول إصابة بشلل الأطفال لطفل يبلغ 10 أشهر، وكون هذا المرض معدٍ وينتشر بسرعة كان لزاماً على الأونروا وشركائها تنفيذ الحملة وإيصال اللقاحات لأطفال غزة بأسرع وقت ممكن”.

ولم يشهد قطاع غزة حالات إصابة بفيروس شلل الأطفال منذ 25 عاماً، وفق حمدان التي استدركت: “لكن للأسف ومع ظروف الحرب المزرية وبدء انتشار الأوبئة ظهرت الحاجة مجدداً لتنظيم حملة على مستوى قطاع غزة لتطعيم كافة الأطفال”.


بيئة خصبة للمرض

وحول سبب توافر بيئة خصبة لانتشار المرض، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إن “الاحتلال الإسرائيلي تسبب في ذلك بعد أن خلق أزمات صحية وبيئية جعلت القطاع الساحلي المحاصر مهيئاً لانتشار المرض الخطير ولغيره من الأوبئة الأخرى”.

وتعمدت إسرائيل تدمير شبكات المياه والصرف الصحي ومنعت عمليات جمع وترحيل النفايات، ما تسبب بتكدس مئات آلاف الأطنان من القمامة بين النازحين، وفرض واقع بيئي خطير، وفق الثوابتة.

ويشير إلى تعمد إسرائيل استهداف الآليات التابعة للبلديات، وسيطرتها على مكبَّات النفايات، ومنع أيٍ من طواقم البلديات من الوصول إلى تلك المكبات، لتعميق الأزمات الصحية والبيئية.

وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة خلفت أكثر من 135 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.