واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي السبت، 31 أغسطس/آب 2024، عدوانها على جنين ومخيمها لليوم الرابع على التوالي وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن قوات الاحتلال ما زالت تفرض حصارا مشددا على المدينة والمخيم، كما دفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية، وداهمت عددا من المنازل في شارع مهيوب بالمخيم وفرضت حظرا للتجول فيه، ونكلت بالمواطنين.
وأضافت أن قوات الاحتلال هدمت جدار وبوابة المقبرة في الحي الشرقي من مدينة جنين، وأبقت على حظر التجول الذي فرضته على الحي والبلدة القديمة، وداهمت عدة منازل في الحي وأجبرت المواطنين على مغادرتها بواسطة مركبات إسعاف، واحتجزت عددا من الشبان والأطفال، فيما أجبر الجنود عائلات على مغادرة منازلها وحولوها لثكنات عسكرية.
وشهد الحي الشرقي في مدينة جنين تدميرا كبيرا أدى لتغيير معالمه، بعد تجريف الاحتلال الشوارع والبنية التحتية وأجزاء من المنازل.
تقسيم مدينة جنين
من جانبه، قال محافظ جنين كمال أبو الرب إن الاحتلال يحاول أن يقسم مدينة جنين والمخيم بحيث يصعب التنقل بينها، حيث يفرض على أجزاء منها حظر التجول، ويحاصر أجزاء أخرى، ويحول أخرى إلى مناطق عسكرية وثكنات يتمركز فيها الجنود.
وأكد أبو الرب، أن معاناة المواطنين جراء نقص المياه تزداد في جنين بشكل عام وفي المستشفى الحكومي بشكل خاص، حيث يجري نقل قرابة 100 كوب يوميا من صهاريج الدفاع المدني إلى المستشفى لتشغيل قسم الكلى وبقية الأقسام.
وأضاف أن العدوان يتوسع في يومه الرابع ويزداد خطورة، حيث لم يبق مكان في جنين إلا وتتواجد فيه قوات الاحتلال وقناصتها.
وفي المنطقة المحيطة بمستشفى الرازي، أطلق أحد قناصة الاحتلال النار تجاه أحد المسعفين خلال محاولته نقل الطاقم الطبي من مستشفى الرازي إلى مستشفى الأمل.
وبحسب مدير مستشفى جنين الحكومي الدكتور وسام بكر، فإن احتياطي الوقود الخاص بمولدات الكهرباء في المستشفى يشارف على النفاد، مشيرا إلى أن الكهرباء قطعت عن المستشفى منذ اليوم الأول للعدوان بسبب تدمير المحولات الرئيسة في شارع المستشفى ومناطق في مخيم جنين، ما اضطرهم إلى تشغيل المولدات الاحتياطية العاملة بالوقود.
وأضاف “أن الاحتلال يعرقل دخول وخروج طواقم الإسعاف إلى المستشفى، كما يعرقل وصول المواطنين والمرضى”.
كما تستمر قوات الاحتلال بفرض حصار على مستشفى ابن سينا، ومنع مركبات الإسعاف من وصول المرضى إليه.
في حين سمع صوت اشتباكات مسلحة وأصوات انفجارات بالمدخل الجنوبي لمخيم جنين وقد حذر مدير مستشفى جنين الحكومي وسام بكر من توقف خدمات غسيل الكلى إذا استمر الجيش الإسرائيلي في منع دخول المياه.
في الوقت نفسه استخدم جيش الاحتلال مواطنين فلسطينيين “دروعا بشرية” في الحي الشرقي بمدينة جنين شمال الضفة الغربية وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه تلقى بلاغات عن إصابات في “حارة الدمج” بجنين والجيش الإسرائيلي يمنع الطواقم من الوصول إليها، كما منع الاحتلال نقل المياه إلى مستشفى جنين الحكومي شمالي الضفة الغربية.
استشهاد شخصين في الخليل
في سياق مواز أعلنت وزارة الصحة، السبت، استشهاد المواطنين محمد إحسان ياقين مرقة وزهدي نضال أبو عفيفة، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي شمال الخليل الليلة الماضية.
وأفادت الوزارة، في بيان مقتضب، بأنها تبلغت من الهيئة العامة للشؤون المدنية باستشهاد المواطنين مرقة وأبو عفيفة، وأن الاحتلال احتجز جثمانيهما.
وذكرت مصادر أمنية، أن الشابين مرقة وأبو عفيفة استشهدا قرب مستعمرتي “كرمي تسور” و”عتصيون” المقامتين على أراضي المواطنين شمال الخليل، مضيفة أن قوات الاحتلال داهمت منزليهما فجر اليوم، وحققت ميدانيا مع عائلتيهما.
وباستشهاد المواطنين مرقة وأبو عفيفة، ترتفع حصيلة الشهداء في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 675 شهيدا.
اقتحام مدينة الخليل
يأتي ذلك في حين اقتحم الجيش الإسرائيلي، السبت، مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وأغلق المسجد الإبراهيمي ومنع دخول المصلين إليه. وقال شهود عيان للأناضول، إن “جيش الاحتلال اقتحم حي وادي الهرية واقتحم عددا من المنازل وأجرى تفتيشات فيه”.
وأضاف الشهود أن الاقتحام الإسرائيلي شمل أيضا حي جبل أبو رمان “حيث اعتلى جنود الاحتلال وقناصته أسطح البنايات السكنية في الحي”.
من جهته، قال مدير المسجد الإبراهيمي الشيخ معتز أبو اسنينة، إن “الجيش الإسرائيلي أغلق المسجد فجر السبت ومنع دخول المصلين إليه”. لكن تم إعادة فتح المسجد مرة أخرى وقُيّمت الحراسة عليه.
وأضاف للأناضول، أن “قوات الاحتلال أغلقت المسجد منذ الساعة الرابعة فجرا دون أي إشعار مسبق”.
بدوره، قال الجيش الإسرائيلي في بيان عبر حسابه بمنصة إكس: “بعد العملية التخريبية التي وقعت أمس (في “غوش عتصيون” و”كرمي تسور”) تم تشديد إجراءات الفحص والتفتيش أثناء دخول المصلين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل حيث تم إغلاق منطقة الحرم لوقت قصير لدوافع أمنية”.
وأضاف أنه “بعد تقييم الوضع تقرر إعادة فتح الحرم أمام جميع المصلين تحت إجراءات التفتيش الصارمة”.
اقتحام المسجد الإبراهيمي
يأتي الاقتحام وإغلاق المسجد الإبراهيمي بعد ساعات من إصابة 3 ضباط إسرائيليين بينهم قائد لواء جراء تفجير سيارة مفخخة عند مفرق “غوش عتصيون” جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بالتزامن مع هجوم في مستوطنة كرمي تسور القريبة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي قتل منفذي الهجومين.
فيما وصف فلسطيني يقطن في الحي الشرقي من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، حياتهم بأنها “مأساوية” جراء عمليات الجيش الإسرائيلي المستمرة لليوم الرابع والتي خلفت دمارا كبيرا في عشرات المنازل.
وقال علي محمود أبو زيد، أحد سكان الحي الشرقي، في اتصال هاتفي مع الأناضول: “نعيش وضعا مأساويا لليوم الرابع على التوالي”.
وأضاف: “الجيش الإسرائيلي يشن اجتياحا كبيرا على الحي، الدمار في كل مكان؛ تم تدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، مع اقتحام البيوت وشن اعتقالات تخريب وتدمير وهدم للمنازل”. وذكر أبو زيد أن نحو “50 جنديا إسرائيليا” اقتحموا منزله واعتقلوا نجله محمود.
وأشار إلى أن “الجيش اقتحم المنزل بصورة مرعبة، وطلبوا منا تسليم أنفسنا، ثم احتجزونا لنحو 4 ساعات ونصبوا قناصة على أسطح البيت”.
وتابع: “قبل أن ينسحب الجيش، قال لي: لا تخرج من المنزل ولا تفتح النوافذ؛ نقوم بعملية عسكرية واسعة، ونطلق النار على من يخرج أو يفتح النوافذ”.
ولفت أبو زيد إلى أنه تم هدم عشرات المنازل وأجزاء من المسجد والمقبرة في الحي.
وعن احتياجاتهم، يقول: “نعيش ظروفًا صعبة، دون مياه ولا طعام ولا كهرباء، ونتدبر أمورنا بصعوبة”. وأضاف: “لدينا مسنة تحتاج إلى إجراء غسيل كلى، وجهنا مناشدات لتأمين وصولها للمستشفى دون جدوى، الجيش يطلق النار على كل من يتحرك بما في ذلك مركبات الإسعاف”.
من جانبه، قال المسعف أحمد حمدان للأناضول، إن “قوات الجيش أطلقت النار تجاه الطاقم الطبي على أطراف الحي الشرقي من جنين، دون وقوع إصابات”. وتابع: “الاحتلال ومنذ بدء العملية العسكرية يعرقل حركة الطواقم الطبية ويمنعها من الاستجابة للنداءات في مخيم جنين والحي الشرقي”.
ويتناقل الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لدمار كبير تخلفه الآليات الإسرائيلية في الحي الشرقي، من تجريف للبنى التحتية ومنازل ومتاجر.
كما تواصل طائرات مسيرة وأخرى مروحية التحليق في سماء جنين، وسماع تبادل لإطلاق النار.
ومنتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء، أعلنت هيئة البث العبرية (رسمية) إطلاق الجيش الإسرائيلي “عملية واسعة النطاق” شمالي الضفة، حيث “تعمل قوات الأمن في جنين وطولكرم في وقت واحد”.
وتحت غطاء من سلاح الجو، اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، جنين وطولكرم ومخيماتهما ومخيم الفارعة، قرب طوباس، وفق رصد مراسل الأناضول، قبل أن ينسحب فجر الخميس من مخيم الفارعة ومساء اليوم نفسه من طولكرم، بينما عملياته لا تزال مستمرة بمخيم جنين.
وبالتزامن مع حربه على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسع الجيش الإسرائيلي عملياته بالضفة فيما صعد المستوطنون اعتداءاتهم ما تسبب في مقتل 674 فلسطينيًا بينهم 150 طفلًا، وإصابة أكثر من 5400، واعتقال ما يزيد على 10200.
وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل حربًا على غزة أسفرت عن أكثر من 134 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.